قَالَ السيِّدُ العَلَّامَةُ/ الحسنُ بن محمَّد الفيشي رحمه الله:
وبعد أن اسْتَوْلى على عِلْمَيْ الدِّرَايَةِ والرِّوَايَةِ، وسَلَّمَتْهُ أزِمَّتَها أرْبَابُ التَّحْقِيقِ والهِدَاية، طَارَ اسْمُه وشَاعَ ذِكْرُهُ، وعَظُمَ خَطَرُهُ، فَصَارَ قِبْلَةَ الأَصَابِعِ، وممثّلَ الفَضِيلَةِ الجَامِعِ، ورَائِدَ الْمُتَطَلِّعِينَ إلى ذروة الفَوْزِ والفَلاح، وطَلِيعَةَ السَّابقِينَ من دُعَاةِ الحِكْمَةِ والعَدَالَةِ والإصْلاح، تَلْهَجُ الأَلْسُنُ بمَحَامِدِه، ويَنْشُرُ الأَثيرُ آياتِ مَجْدِهِ وشَوَاهِدِهِ، ولذَلك خَفَّتْ إليه جُمُوعُ الطَّلَبَةِ، أهْلِ الهِمَمِ السَّامِيَاتِ، وأَحْدَقَتْ به الآمَالُ من كُلِّ المنَاحِي والجِهَاتِ، فَبَسَطَ لهم من خُلُقِه رَحْباً، ومَنَحَهُمْ إِقْبَالاً وَقُرْباً، ومَلأَ قُلُوبَهم شَغَفاً بالعِلْمِ وحُبّاً، وشَحَذَ عَزَائِمَهُمْ، وَرَتَقَ ما فَتَقَ من تَصْمِيمِهِمْ ونَشَاطِهِمْ، فكَانَ لهم أَخاً شَغُوفاً، وَوَالِداً بَرّاً عَطُوفاً، وَصَيِّباً هَتَّاناً دَفُوفاً، أَنْسَاهُم عن الآبَاءِ والإِخْوَانِ، وعن نَفِيسِ الجَوَاهِرِ والعِقْيَانِ، فسُبْحَانَ رَبّ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ ما يَشَاءُ، أَرْيَحِيَّةٌ هَاشِمِيَّةٌ، وأَخْلَاقٌ مُحَمَّدِيَّةٌ، وَتَحَمُّلَاتٌ عَلَوِيَّةٌ.
