هـ -كيف تكون الزيدية طائفة الحق مع قلة عددها؟
قد يقال: كيف تكون الزيدية هي طائفة الحق الناجية وهي طائفة صغيرة قليلة العدد، محصورة في زاوية صغيرة من أرض اليمن، وإذا حسبت طوائف المسلمين فلا تكاد تذكر لقلتها وعدم شهرتها، وشهرتها مقصورة على المختلطين بها والمجاورين لها من سائر الطوائف، أما عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فلا معرفة لها بالزيدية على الإطلاق؟
قد يقال في الجواب: إن الزيدية وإن كانت قلة قليلة محصورة في زاوية من زوايا اليمن فإنها معروفة على طول التاريخ بإمامها زيد بن علي، وبعقائدها ومذاهبها عند جميع علماء المسلمين.
وإذا كان علماء الطوائف يعرفون الزيدية وعقائدها ومذاهبها فقد تمت الحجة عليهم.
ولا يلزم الطائفة المحقة أن تبلغ كل فرد فرد من المسلمين الحق وحججه وبراهينه، بل يكفي أن يعرف ذلك العلماء، وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الناس معالم دينهم ثم يقول: ((ألا فليبلغ الشاهد الغائب))، وقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ122﴾ [التوبة].
ـ وقد استنكر الله تعالى على علماء بني إسرائيل حين كتموا الحق وسكتوا عن تبليغه الناس في آيات كثيرة من القرآن مما يدل على أن على علماء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلغوا الناس ما يعلمون من الحق، وأن حجة الله تعالى لا تسقط على الناس بسكوت العلماء عن إذاعتها ونشرها.
– من الغريب نفور أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن أهل البيت عليهم السلام وعن مذاهبهم، وتدينهم ببغضهم والتنفير عنهم وشدة العداوة لهم، و… إلخ، وقد ظهر ذلك في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم منذ أن مات نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وإلى اليوم.
ـ والمعروف أن الأمة ترى الأحاديث الصحيحة في أهل البيت عليهم السلام، وتعلم صحتها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، وتعترف بصحتها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويدرسها العلماء والطلبة، ثم لا يصدهم علمهم بذلك عما هم عليه من الكراهة والعداوة لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنهم مع ذلك يدينون بأن محبة آل محمد ذنب عظيم لا يغفر، ويدينون بأن عداوتهم والبغض لهم من تمام الإيمان ومن أركانه.
ـ وتراهم يحافظون على الصلوات وأداء الزكاة، والصيام، والحج، و… إلخ، ويظهر عليهم في تدينهم أنهم يرجون رحمة الله وشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودخول الجنة، وأنهم سيحظون برضوان الله، ويعتقدون أنهم أهل الحق.
ـ وما أدري كيف راج عندهم ذلك مع علمهم المستحكم بما جاء به نبيهم نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم في دينه لأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم من التقدم في الفضل، ووجوب ولايتهم ومحبتهم، وأنهم أهل الحق لا يفارقهم ولا يفارقونه إلى يوم القيامة، وأنهم.. وأنهم… إلخ.
[من ثمار العلم والحكمة للسيد العلامة الحجة/محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله]