Skip to content

مذهب أهل البيت عليهم السلام الزيدية في الفقه

تاريخ النشر: سبتمبر 17, 2025
رقم الملف: 12738

مذهب الزيدية في الفقه فهو مذهب متسع لا يُلزم بتقليد إمام معين، ولا يوجب التقيد بمذهب مجتهد، بل يتحتم عند الزيدية على المجتهد أن يعمل باجتهاده، ويحرم عليه التقليد مع تمكنه من الاجتهاد، ويجيز للمقلد أن يقلد من شاء من المجتهدين إذا استووا في نظره، وله أن ينتقل من تقليد مجتهد إلى تقليد مجتهد آخر، وله أن يقلد مجتهداً في مسألة ومجتهداً آخر في مسألة أخرى، وآخر في ثالثة، وهكذا.

وقد اشتهر في ذلك قول الإمام زيد عليه السلام: (اختلافنا لكم رحمة، فإذا أجمعنا…إلخ)، يريد عليه السلام أن اختلاف علماء أهل البيت عليهم السلام رحمة لأتباعهم أي: سعة وتيسير فيأخذ أحدهم بمذهب من شاء منهم، أو بما فيه تيسير وترخيص.

ويذهب علماء الزيدية إلى أن مجموع الإمام زيد بن علي الحديثي أصح الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالبخاري عند أهل السنة، ولهم مرويات أخرى حديثية إلا أنها في المنزلة الثانية، فمجتهد الزيدية يعتمد على مرويات أئمة الزيدية، وفي مقدمتها مجموع الإمام زيد.

فمذهب الهادي عليه السلام يعتمد بعد القرآن على هذه المرويات، وهكذا مذهب الإمام الناصر، ومذهب القاسم، ومذهب المؤيد بالله، ومذهب أبي طالب، ولكل إمام من أهل البيت ومن علماء الزيدية مذهب يذهب إليه في بعض مسائل الفقه، إلا أن ذلك قليل بالنسبة لما يتفقون فيه.

  • ولا يعدون ذلك خلافاً، ولا نزاعاً، ولا يُخطِّئ بعضهم بعضاً في ذلك، ولا يشنعون به، بل إن الواحد منهم إذا استفتاه مستفتٍ في مسألة يدل المستفتي على المجتهد الآخر الذي في مذهبه تيسير وترخيص؛ لئلا يوقع المستفتي في حرج إذا أفتاه بمذهبه.
  • وقد جمع الزيدية فقه الإمام القاسم وفقه أولاده، وفقه الهادي وولديه، وفقه الناصر، وأخذوا منه قواعد وفرّعوا، وحققوا ذلك ودققوه، وأخرجوا منه مذهباً يرجع إليه عامة الزيدية.

وأول من جمع ذلك أبو العباس الحسني والمؤيد بالله وأبو طالب في القرن الرابع…، وما زال هذا المذهب هو معتمد الزيدية في جميع بلادها يدرس في مدارسها، ويتعلمه الصغير والكبير، والذكور والإناث، وهو المعتمد في القضاء والمعاملات، وهذا المذهب نظير ما وضعته الشافعية لمذهب الإمام الشافعي، ونظير ما وضعته الحنفية لمذهب أبي حنيفة، ونظير ما وضعته المالكية لمذهب مالك، و…إلخ.

إلا أن أهل هذه المذاهب ألزموا أتباعهم بالأخذ بها، وحرموا الاجتهاد على المجتهدين وألزموهم تقليدها، في حين أنا نحن الزيدية لا نلزم ولا نحتم على المقلد الأخذ بالمذهب بل نجيز له أن يأخذ بمذهب من شاء من مجتهدي الزيدية، ونقول له: إن تقليد الحي أولى من تقليد الميت، ونحرم على المجتهد التقليد، ونوجب عليه الأخذ بمذهب نفسه.

فهذا هو حقيقة مذهب الزيدية في الأصول والفروع.

وبعد، فالمجادلة في الأسماء لا معنى لها إلا أن أعداء الزيدية يرمون الزيدية بكل ما أمكن ليلبسوا على الناس، وليشوهوا مذهب الزيدية.

  • هذا، والسبب في اعتماد مذهب القاسم والناصر والهادي وأولاده واعتماد ذلك في الفقه لعموم الزيدية- لأن هؤلاء الأئمة أول من صنف في الفقه، وأول من وضع أبوابه، واستكمل مسائله دون من سبقهم من أئمة الزيدية.

أما من سبقهم من الأئمة فلم يصنفوا في الفقه بل اقتصروا فيما كتبوه على الرواية مثل الإمام زيد، والإمام الباقر، والصادق، وأحمد بن عيسى، ومحمد بن منصور المرادي، وعبدالله بن موسى بن عبدالله، ويحيى بن الحسين من أولاد زيد بن علي، وأحمد بن عيسى العلوي و…إلخ.

[من ثمار العلم والحكمة للسيد العلامة الحجة/محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله]

Loading