ج- ما هي الطريق الصحيح لاجتماع شمل المسلمين؟ أليس هو في أن تتنازل كل طائفة عن بعض ما تتمسك به ليتم التلاقي في منطقة وسطى بين جميع الفرق؟
الجواب:
أولًا: لو كان موضوع الخلاف قطعة أرض، أو نصيبًا من ورث فقد يحسن ما ذكرت مع خفاء الحق وضعف الحجج، لكن ما نحن فيه ليس من هذا فإن الدين دين الله المحكم الذي أقام هو عليه الدلالة ونصب الحجج والبراهين الحاسمة لكل خلاف، وقد أمر الناس أن يتبعوه كاملًا فليس لأحدٍ حقٌّ في أن يغير فيه أو يتنازل عن شيء منه، وكل ما يتطلبه الأمر لحل الخلاف هو أن ينصف الناس من أنفسهم ويغلِّبوا الحق على الهوى، ويقطعوا عن قلوبهم علائق الدنيا.ثانيًا: المسائل المختلف فيها والتي سنذكرها لاحقًا لا يوجد فيها مناطق وسطى ولا تقبل أنصاف الحلول فهي إما حق أو باطل، وانظر -أيها السائل- وقارن بين من يقول: إن لله يدًا، وساقًا، وعينًا …إلخ وبين من ينفي ذلك، وبين من يزعم أن الله سبحانه وتعالى يخلق المعاصي في البشر وينهاهم عنها ويعاقبهم عليها، وبين من ينزه الله عن ذلك، ماذا عساها تكون المنطقة الوسطى المفترضة لالتقاء الفريقين واجتماعهم، هل هي أن نثبت عينًا واحدة بدلًا من عينين، أو يدًا واحدة بدلًا عن يدين، أو أن نقر أن الله خلق بعض المعاصي دون بعض، تعالى الله عن كل ذلك علوًا كبيرًا، فهكذا هي المسائل المختلف عليها.