Skip to content

من هم الزيدية:

تاريخ النشر: سبتمبر 8, 2025
رقم الملف: 12451

Loading

الزَّيْدِيَّةَ: اسْمٌ عَامٌّ لِلْمُنْتَسِبِيْنَ إِلَى الإِمَامِ الأَعْظَمِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهم السلام، وَهُمْ أَئِمَّةُ أَهْلِ البَيْتِ عليهم السلام مِنْ بَعْدِهِ، وَأَتْبَاعُهُم، ومِنْهُم الْهَادَوِيَّةُ، وَهُم الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى الإِمَامِ الْمُجَدِّدِ لِلْدِّيْنِ الْهَادِي إِلَى الْحَقِّ الْمُبِيْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ القَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ الْسِّبْطِ بْنِ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُم، وَلَا اخْتِلَافَ عِنْدَهُم فِي نِظَامِ الْحُكْمِ، وَلَا فِي أيِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ الْدِّيْنِ.
وَإِنَّمَا سُمِّيْتِ الزَّيْدِيَّةُ زَيْدِيَّةً؛ لِمُوَافَقَتِهِم لإِمَامِ الأَئِمَّةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عليهم السلام فِي التَّوْحِيْدِ، وَالعَدْلِ، وَالإِمَامَةِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَالْخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ عليهم السلام: «أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْيَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مَا دَثَرَ مِنْ سَنَنِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَأَقَامَ عَمُودَ الدِّيْنِ إِذ اعْوَجَّ، وَلَنْ نَنْحُوَ إِلَّا أَثَرَهُ، وَلَنْ نَقْتَبِسَ إِلَّا مِنْ نُوْرِهِ، وَزَيْدٌ إِمَامُ الأَئِمَّةِ، وَأَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهم السلام». أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ فِي (أَمَالِيْهِ) (صفحة ١٨٦).
وَمَا وَرَدَ فِيْهِ مِنَ البِشَارَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَعَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ، وَعَنِ الْحُسَيْنِ السِّبْطِ عليهم السلام لَا يَسَعُ الْمَقَامُ ذِكْرَهُ.
وَهْوَ مَبْسُوطٌ فِي الأَمَالِيَّاتِ، وَ (كِتَابِ الشَّافِي)، وَفِي (الْمِنْهَاجِ الْجَلِيِّ)، وَ (قَوَاعِدِ عَقَائِدِ آلِ مُحَمَّدٍ)، وَغَيْرِهَا
وَفَضَائِلُهُ كَالْشَّمْسِ وَضُحَاهَا، لَا يَمْتَرِي فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ.
وَإِنَّمَا اخْتَارَ أَهْلُ البَيْتِ وَأَتْبَاعُهُم رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ الانْتِسَابَ إِلَيْهِ؛ لِفَتْحِهِ بَابَ الْجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِحْيَاءِ دِيْنِهِ، وَتَجْدِيْدِ شَرْعِهِ.
وَقَدْ كَانَتْ اشْتَدَّتِ الفِتْنَةُ، وَعَظُمَتِ الْمِحْنَةُ، وَاسْتَحْكَمَتِ الظُّلْمَةُ، وَتَرَاكَمَتِ الغُمَّةُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّة، بَعْدَ اسْتِشْهَادِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِبْطِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَرَيْحَانَتِهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عليٍّ رضي الله عنه، وَظَهَرَتِ البِدَعُ وَالْفِتَن، وَانْطَمَسَتِ الأَعَلَامُ وَالسُّنَنُ؛ فَلَمَّا أَبَانَ الْحُجَّة، وَأَوْضَحَ الْمَحَجَّةَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ زَيْدُ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه جَعَلُوهُ عَلَمًا بَيْنَهُم وَبَيْنَ الأُمَّةِ؛ لِيُعْلِمُوهُمْ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كَلَامُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ رضي الله عنه.
وكَمَا قَالَ وَالِدُهُ الكَامِلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ عليهم السلام: «الْعَلَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، والْعَلَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشِّيْعَةِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ».
وَهَذَا كَلَامٌ حَكِيْمٌ صَحِيْحٌ، فَلَو قَالَ: العَلَمُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، أَو: اتِّباعُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لم يُمَيِّزْ؛ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يدَّعِي الإِسْلَامَ مِنْ جَمِيْعِ الفِرَقِ يَدَّعِي ذَلِكَ.
ولَمَّا كانَ الْمُدَّعُونَ لِمُتَابَعَةِ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ فِرَقًا مُتَعَدِّدَةً مَيَّزَ ذَلِكَ بِالعَلَمِ الثَّانِي؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتَسِبْ إِلَيْهِ إِلَّا خُلَاصَةُ الصَّفْوَةِ.
وَعَلَى هَذَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ فِي قَصْدِ التَّمْيِيْزِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ: «لَا يُحِبُّهُ إلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُ إلَّا مُنَافِقٌ»، وَكَرَّرَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ بِأَلْفَاظٍ كَثِيْرَةٍ، وَفِي مَقَامَاتٍ عَدِيْدَةٍ.
وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُومًا حَتَّى قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِيْنَ بِبُغْضِهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ
وَلَوْ قَالَ: لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ لَمْ يُمَيِّزْ كُلَّ التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدَّعِي الإِسْلَامَ يَدَّعِي حُبَّهُ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ عليه السلام.
وَانْظُرْ إِلَى (خَبَرِ الثَّقَلَيْنِ) الْمَرْوِيِّ فِي الصَّحِيْحِ، وَسَائرِ السُّنَنِ عَنْ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ صَحَابِيًّا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ الكَلامَ عَلَيْهِ فِي (لَوَامِعِ الأَنْوَارِ) ، وَفِي (شَرْحِ الزُّلَفِ) (صفحة-٢٢٣) (الطبعة الأولى)، وفي [ص:٣٢١] (الطبعة الثانية)، بِلَفْظِ: «كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ، وَسُنَنِ أَبِي دَاودَ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَغَيْرِهِم: «أُذَكِّرُكُم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» ثَلَاثًا.
فَعَدَلَ الأَكْثَرُ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الصَّحِيْحِ الْمَعْلُومِ إِلَى لَفْظِ: «وَسُنَّتِي»، وَهْيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، لَمْ تُخَرَّجْ فِي الصَّحِيْحِ، وَلَا فِي شَيءٍ مِنَ الأُمَّهَاتِ السِّتِّ إلَّا فِي (الْمُوَطَّأِ) بَلَاغًا مُرْسَلَةً
فَلَا تَرَاهُمْ يَذْكُرُونَ تِلْكَ الرِّوَايَةَ الْمَعْلُومَةَ الصَّحِيْحَةَ الْمَرْوِيَّةَ مِنَ الطُّرُقِ الكَثِيْرَةِ بِأَيِّ ذِكْرٍ لَا فِي كِتَابَةٍ، وَلَا فِي خَطَابَةٍ، وَلَا أَيِّ مَقَامٍ؛ بَلْ أَعْرَضُوا عَنْهَا صَفْحًا، وَطَوَوا دُوْنَهَا كَشْحًا، وَصَيَّرُوهَا نَسْيًا مَنْسِيًّا؛ لِأَنَّ بِذِكْرِهَا يَتَّضِحُ الأَمْرُ، وَيَنْكَشِفُ اللَّبْسُ.
وَأَمَّا (السُّنَّةُ) فَهْيَ دَعْوَى مُشْتَرَكَةٌ، لَا يَعْجَزُ عَنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلَامَ.
نَعَم، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ؛ فَلِذَا اكْتَفَى بِذِكْرِهِ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيْحَةِ، بَلِ الْمُتَوَاتِرَةِ.
فَمَنِ اعْتَمَدَ عَلَى رِوَايَةِ «وَسُنَّتِي» لِقَصْدِ إِلغَاءِ رِوَايَةِ «وَعِتْرَتِي»، فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ قَطْعًا، وَهَجَرَ مَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ بِالإِجْمَاعٍ. نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الزَّيْغِ وَالْهَوَى.
[ليس بين الزيدية خلاف في الأصول الدينية]
هَذَا، وَلَيْسَ بَيْنَ الزَّيْدِيَّةِ كُلِّهِم قَاسِمِيَّةٍ ، وَهَادَوِيَّةٍ ، وَنَاصِرِيَّةٍ ،
وَمُؤَيَّدِيَّةٍ خِلَافٌ فِي الأُصُولِ الدِّيْنِيَّةِ، الَّتِي هِيَ عُمْدَةُ الإِسْلَامِ، وَأَسَاسُ الدِّيْنِ الْحَنِيْفِ.
وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الفَرْعِيَّةُ الاِجْتِهَادِيَّةُ فَلِكُلِّ إِمَامٍ أَنْظَارُهُ وَاجْتِهَادَاتُهُ، يُوَافِقُهُ فِيْهَا مَنْ أَرَادَ مُوَافَقَتَهُ، وَكُلُّهُم نُجُومُ هُدى، وَأَعْلَامُ اقْتِدَاء.
مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تَقُلْ لاقَيْتُ سَيِّدَهُمْ … مِثْلُ النُّجُوْمِ الَّتِي يَسْرِي بِهَا السَّارِي
فَمَهْمَا كَانَ الْمُتَابِعُ مُقْتَدِيًا بِآثَارِهِم، مُهْتَدِيًا بِأَنْوَارِهِم، فَقَد اعْتَصَمَ بِالحَبْلِ الأَقْوَى، وَاسْتَمْسَكَ بِالْعرْوَةِ الوُثْقَى لآيَاتِ التَّطْهِيْرِ وَالْمَوَدَّةِ وَالوَلَايَةِ، وَخَبَرِ الثَّقَلَيْنِ الْمُجْمَعِ عَلَى صِحَتِّهِ،-وَمِنْ أَلْفَاظِهِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ : «أَلا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيْكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيْهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»؛ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْل بَيْتِي، أُذَكِّرُكُم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» ثَلَاثًا، وَأَخْرَجَهُ سَائِرُ الْمُحَدِّثِيْنَ بِأَلْفَاظِهِ وَسِيَاقَاتِهِ-، وَأَخْبَارِ السَّفِيْنَةِ وَالنُّجُومِ، وَمَا لَا يُحَاطُ بِهِ كَثْرَةً كِتَابًا وَسُنَّةً، كَمَا قَالَ السَّيِّدُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَزِيْرُ :
وَالْقَومُ وَالقُرآنُ فَاعْرِفْ قَدْرَهُمْ … ثَقَلانِ لِلثَّقَلَيْنِ نَصُّ مُحَمَّدِ
وَلَهُمْ فَضَائِلُ لَسْتُ أُحْصِي عَدَّهَا … مَنْ رَامَ عَدَّ الشُّهْبِ لَمْ تَتَعَدَّد

[مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد]، للإمام المجدد للدين مجد الدين المؤيدي سلام الله عليه

[انتساب الزيدية إلى الإمام الأعظم زيد بن علي عليهما السلام مجمع عليه]
هَذَا، وَنسْبَةُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الزَّكِيَّةِ إِلَى الإِمَامِ الأَعْظَمِ زَيْدِ بْنِ عَليٍّ رضي الله عنه مُجْمَعٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الأُمَّةِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي (شَرْحِ مُسْلِمٍ) ، وَابْنُ الأَثِيْرِ فِي (الكامل) ، وَالشّهْرِسْتَانِيُّ فِي (الْمِلَلِ والنِّحَل) ، وَصَاحِبُ (القاموس) ، وَغَيْرُهُم .
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي (الأَوَّلِ) مِنْ (مِنْهَاجِهِ) (صفحة-٢١) مَا لَفْظُهُ:
«لَفْظُ الرَّافِضَةِ إِنَّمَا ظَهَرَ لَمَّا رَفَضُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. إِلَى قَوْلِهِ: وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَعُلَمَائِهِمْ.
قَالَ: «وَسَمَّى مَنْ لَمْ يَرْفُضْهُ مِنَ الشِّيعَةِ زَيْدِيًّا؛ لانْتِسَابِهِمْ إِلَيْهِ، وَلَمَّا صُلِبَ
كَانَتِ الْعُبَّادُ تَأْتِي إِلَى خَشَبَتِهِ بِاللَّيْلِ فَيَتَعَبَّدُونَ عِنْدَهَا … » إلى آخِرِهِ، تَأَمَّلْ هَذَا.
وَقَالَ فِي (الجزءِ الثَّانِي) (صفحة-٦٧): «وَتَولَّاهُ قَوْمٌ فَسُمُّوا زَيْدِيَّةً؛ لِانْتِسَابِهِمْ إِلَيْهِ»، ثُمَّ وَصَفَهُم بالعِلْمِ والصِّدْقِ والشَّجَاعَةِ. إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ النّسْبَةُ لَيْسَتْ كَسَائِرِ النِّسَبِ الْمَذْهَبِيَّةِ، الَّتِي مَفَادُهَا التَّقْلِيْدُ وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْمَسَائِلِ الفَرْعِيَّةِ، كَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلاتِّفَاقِ فِي مَسَائِلِ الأُصُولِ، الَّتي لَا يَجُوزُ التَّقْلِيْدُ فِيْهَا، وَلَا الْخِلَافُ، كَمَا سَبَقَ.
وَمَنْ لَمْ يُحَقِّقْ هَذَا خَبَطَ خَبْطَ عَشْوَاء، كَمَا وَقَعَ مِنْ فَقِيْهِ الْخَارِقَةِ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الإِمَامُ الْمَنْصُورُ بِاللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ فِي (الشَّافِي) ، وَكَمَا جَرَى مِنَ السَّيِّدِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَمِيْرِ (فِي إِنْكَارِهِ لِلْمُخَالَفَةِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الاِجْتِهَادِيَّةِ.
وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي (الْمَنْهَجِ الأَقْوَمِ).
وَمِنَ العَجَبِ وَمَا عِشْتَ أَرَاكَ الدَّهْرُ عَجَبًا مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ الأَكْوَعُ فِي مَوضوعٍ لَهُ سَمَّاهُ (اليمن الخضراء) (صفحة-١٠٣) مَا لَفْظُهُ:
«وَإِنَّمَا سُمُّوا زَيْدِيَّةً، نِسْبَةً إِلَى الإِمَامِ الأَعْظَمِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضوان الله عليهم مِنْ بَابِ (التَّغْلِيْبِ)، وَإِلَّا فَهُمْ هَادَوِيَّةٌ، أَتْبَاعُ الإِمَامِ الْهَادِي يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَشْهُورِ؛ إِذْ هُم يُخَالِفُونَ زَيْدَ- كذا في كتابه بغير ألف، وَهْوَ مُحْتَمَلٌ – قال: عَلَى طُولِ الْخَطِّ، وَإِنَّمَا يُوَافِقُونَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ:
الأُوْلَى: فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَى الظَّلَمَةِ، وَمُحَارَبَتُهُم لأَجْلِ ذَلِكَ.
ثَانِيْهِمَا : القَوْلُ بِالْعَدْلِ وَالتَّوْحِيْدِ فِي أُصُولِ الدِّيْنِ.
وَثَالِثُهُمَا : فِي الإِمَامَةِ، أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي البَطْنَيِنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضوان الله عليهم»، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
وَنَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا: فَهَذِهِ الثَّلَاثُ الْمَسَائِلُ الَّتِي أَرَادَ الأَكْوَعُ تَقْلِيْلَهَا -كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَتِهِ- هِيَ أُصُولُ الإِسْلَامِ، وَعُمْدَةُ الدِّيْنِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَسَائِلُ الفُرُوعِ، الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّقْلِيْدُ فِيْهَا لِأَرْبَابِ الاِجْتِهَادِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يُوصِلُهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ نَظَرُهُ.
فَإِذًا قَدْ وَافَقُوا الإِمَامَ الأَعْظَمَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجِبُ فِيْهَا الوِفَاقُ، وَلَا يَجُوزُ فِيْهَا التَّقْلِيْدُ وَلَا الاِخْتِلَافُ.
ثانيًا: أَنَّ قولَهُ إِنَّهُم يُخَالِفُونَ زَيْدَ عَلَى طُولِ الخَطِّ، وَإِنَّمَا يُوَافِقُونَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ في ثَلَاثِ مَسَائِلَ غَيْرُ صَحيحٍ؛ فَلَمْ يُخَالِفِ الإمَامَ الأَعْظَمَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنه جَمِيْعُ الزَّيْدِيَّةِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمَسَائِلِ قَطّ، بَلْ أَجْمَعَتِ الزَّيْدِيَّةُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الفَرْعِيَّةِ، مَعَ الْمَسَائِلِ الْمَعْلُومَةِ الأُصُوليَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
وَسَائِرُ الْمَسَائِلِ مِنْهَا مَا يُوَافِقُهُ عليه السلام أَكْثَرُ الأَئِمَّةِ عليهم السلام وأَتْبَاعِهِم، وَمِنْهَا مَا يُوَافِقُهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ.
وَعَلَى الجُمْلَةِ لَا تُوْجَدُ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ مَسَائِلِهِ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الزَّيْدِيَّةِ.
نَعَم، قَالَ الأَكْوَعُ: «وَلاَ شَكَّ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الأَخِيْرَةِ قَدْ تَحَجَّرُوا شَيئًا وَاسِعًا، وَلَمْ يَنْظُرُوا بِعَيْنِ الإِنْصَافِ»، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآيَةَ [آل عمران:٢٦]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ}
{بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا}، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} الآيَةَ [البقره:٢٤٧]، إلى آخِرِ كَلَامِه.
وَصَدَقَ اللَّهُ العَظِيْمُ: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦} [الحج].
هَاتَانِ الآيَتَانِ حُجَّتَانِ عَلَيْهِ لَا لَهُ، فَهُمَا مِنَ الأَدِلَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِاخْتِصَاصِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَاصْطِفَائِهِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُؤتِيَهُ الْمُلْكَ، سَوَاءٌ رَضِيَ النَّاسُ أَمْ كَرِهُوا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَلَا شُورَى، وَلَا اسْتِفْتَاء، وَهْوَ الْمَعْنَى الَّذِي أَنْكَرَهُ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحَيْرَةِ، وَعَمَى البَصِيْرَة، {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ٤٠} [النور]، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُور.
[مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد، للإمام المجدد للدين مجد الدين المؤيدي سلام الله عليه

من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53
من هم الزيدية:
2025-09-08 11:45:53