قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْس} [
والجواب: هو ما قدمنا من قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ56} [الذاريات] أي: ليطيعوني ويعبدوني.
ثم إن إلزام الله تعالى المكلفين بالعبادة والطاعة في كتبه المنزلة، وعلى ألسنة رسله وحملة العلم دليل على بطلان قول المجبرة.
واللام في الآية التي يستدلون بها على ما ذهبوا إليه تسمى لام العاقبة، وهي كاللام التي في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص:8].
والأولى أن تكون اللام على أصلها للتعليل، ويكون المراد بالذرء هو الذرء الثاني، وبهذا فسر الآية الإمامان القاسم والهادي عليهما السلام والذرء الثاني هو الذرء في القبور، وبهذا التفسير يلتئم شمل آيات القرآن، وتسلم آياته من التناقض والاختلاف، بخلاف تفسير المجبرة فإنه متناقض مع قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ56} [الذاريات]. ولا خلاف بين المسلمين أن القرآن سالم من التناقض والاختلاف {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِه} [فصلت: 42] {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختلافاً كَثِيراً82}