Skip to content

سلامة عقائد الزيدية من الخرافات ومخالفة فطر العقول

تاريخ النشر: سبتمبر 12, 2025
رقم الملف: 12556

Loading

والذي تتميز به الزيدية عن سائر الفرق- سلامة عقائدها من الخرافات، ومخالفة ما تعرفه فطر العقول؛ فإنك إذا نظرت إلى ما عند الزيدية في ذلك كله وجدته مسايراً لما تعرفه فطر العقول، تأنس به وتنجذب إليه، وتذعن له وتعترف به، وفي ذلك من الدليل على صحة ديانتهم ما لا يخفى.

وذلك أن الله تعالى جاء بالشرائع المتطابقة مع فطر العقول، ومع ما تعرفه العقول، وتنجذب إليه، وتأنس به، ألا ترى إلى قوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث..} [الأعراف:157].

وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن}[الأعراف: 33].

وكثيراً ما يختم الله تعالى الآية بقوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ونحو ذلك؛ إشارة منه جل وعلا إلى أن ما جاء به من الدين والشريعة موجود في العقل، ومركوز فيه بالفطرة، ولا يحتاج العاقل، في الاعتراف بصحته إلا أن يرجع إلى عقله وفكره ليتذكر ذلك.

أما سائر المذاهب الإسلامية الأخرى فقد تلوثت بخرافات وأباطيل، تمجها الفطرة، وتنفر عنها، ويستنكرها العقل، ويشمئز منها، ولا يعترف بها.

فقول بعضهم: إن الله تعالى هو الذي خلق الكفر في الكافر، وخلق الزنا في الزاني، وخلق المعصية في العاصي، وقدر ذلك، وشاءه وأراده، لا فعل للعبد في ذلك، ولا اختيار، ولا مشيئة ولا إرادة، ولا قدرة لـه على التخلص من ذلك، وأن الله تعالى سيعذبه على ذلك.

فهذا قول مرفوض عند العقل؛ لما فيه من المنافاة للعدل والإحسان الذي تمدح الله بنفيه عن نفسه، ولما فيه من الظلم الذي نفاه تعالى أيضاً عن نفسه.

وقول بعضهم: إن الله تعالى هو الذي خلق المعصية في العاصي، وأوجدها، وشاءها، وأرادها، وقدرها، وإن العاصي مع ذلك فعلها باختياره، ومشيئته، وإرادته، فهذا قول متناقض، لا يصدق به العقل ولا يقبله، وذلك أن المعصية إذا كانت قد حدثت بفعل الله وإرادته ومشيئته وقضائه وقدره فأين فعل العاصي واختياره ومشيئته؟ وإن كانت حدثت بفعل العاصي فأين فعل الله؟

وقول بعضهم: إن الله تعالى سيرى يوم القيامة بلا كيف، لا يمكن للعقل أن يصدق ذلك ولا يقبله، وذلك أن الرؤية لا تقع إلا على ذي كيفيات، والمراد بالكيفيات الصفات الظاهرة من الطول والعرض والحركة والسكون واللون ونحو ذلك.

ولا يمكن أبداً أن تقع رؤية العين على شيء لا هو متحرك، ولا ساكن، ولا طويل، ولا قصير، ولا عريض، ولا متلون بلون، ولا هو فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، لا خلف، ولا أمام، ولا هو قريب، ولا بعيد، ولا بين بين، ولا… إلخ، فمثل ذلك لا يقبله عقل، ولا يصدق به، ومن المحال أن يؤمن به عاقل.

ويتحير العقل في قول أهل السنة: إن الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد الطاعات منها والمعاصي، ويستبعد ذلك، ولا يقبل به،…ويتساءل: فما فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب ما دام أن الأمر مفروغ منه؟!

ولماذا الثواب والعقاب في جنات النعيم، وفي عذاب الجحيم، ما دام أن الله تعالى هو الذي يتولى فعل الطاعات والمعاصي دون العباد؟!

ويتساءل العقل: لماذا يعذب الله تعالى بأشد العذاب في نار جهنم عباده على غير شيء اجترحوه؟! ولماذا يعذبهم على شيء هو تعالى تولى فعله دونهم؟!

أليس هذا من الظلم الذي تمدح الله تعالى بنفيه عن نفسه في نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً40} [النساء]؟!

[قصد السبيل إلى معرفة الجليل للسيد العلامة الحجة/محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله]