Skip to content

3- دليل السنة المجمع على صحته بين طوائف المسلمين

تاريخ النشر: سبتمبر 25, 2025
رقم الملف: 13170

Loading

الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو مصدر من مصادر الأحكام الشرعية، وهو في الدرجة الثانية بعد القرآن الكريم، ولا خلاف في هذه الجملة.
ولا خلاف أيضاً في قبول الحديث الصحيح، والعمل بمقتضاه، وأنه حجة يلزم العمل بها، ووقع الاتفاق على قبول الأحاديث المتواترة، والأحاديث المتلقاة بالقبول بين الأمة.
ثم وقع الخلاف في تصحيح الأحاديث الآحادية؛ فلأهل السنة أحاديث صحاح، وللزيدية أحاديث صحاح، وللإمامية أحاديث صحاح، و .. إلخ.
فالحديث قد يكون صحيحاً عند أهل السنة، وغير صحيح عند الزيدية، أو عند الإمامية، وهكذا العكس، وقد يكون الحديث صحيحاً عند الإمامية، وضعيفاً عند الزيدية، و … إلخ.
ولكل من تلك الطوائف أسس وقواعد يبنى عليها صحة الحديث أو ضعفه، فحصل الخلاف في الحديث الصحيح تبعاً للاختلاف في الأسس والقواعد، والحديث عند الجميع ليس حجة ولا دليلاً إلا إذا صح.

  • وإذا اختلفت الطوائف في صحة الحديث فحكمت بصحته مثلاً طائفة أهل السنة، وحكمت الزيدية أو الإمامية بضعفه، فعلى أي القولين يعتمد الناظر؟
  • يمكن أن يقال: لا يجوز أن يعتمد الناظر على أي واحد من القولين؛ لأن كل واحد من القولين دعوى تحتاج إلى برهان تطمئن إليه النفس.
    [الحديث الذي يجب قبوله]
    والحق أن الحديث الصحيح الذي يجب قبوله هو:
    ١ – الحديث الذي تجمع طوائف العلماء على صحته، فما كان كذلك فهو حديث صحيح؛ لقيام البرهان على صحته وهو الإجماع.
    ٢ – الحديث الذي يجمع على صحته علماء أهل البيت عليهم السلام؛ لقيام الدليل على حجية إجماعهم.
    وقد اتفقت الطوائف على قبول خبر المؤمن العدل بشروط، إلا أنهم اختلفوا، فمنهم من يعدل الشخص ومنهم من يجرحه، فأهل السنة يجرحون الراوي إذا كان شيعياً، ويعدلون النواصب، والزيدية والإمامية بالعكس والمعلوم أن الحق لا يخرج من أيدي الأمة وأنها لا تجتمع على ضلالة، ولا خلاف في ذلك، وكل طائفة تقول إنها المحقة دون غيرها، والمفروض أن الدعوى لا تقبل إلا ببرهان يدل على صحتها، وإلا تركت.
  • وحينئذ فما هو الحل؟ وما هي الطريق الموصلة إلى معرفة الحق؟
    الحل والطريق: هو الأخذ أولاً بما أجمعت عليه طوائف الأمة من تفسير آية من كتاب الله تعالى أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما أجمعت عليه الطوائف من صحة تفسير آية أو من صحة حديث رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فليأخذ به الناظر، فإنه إذا فعل ذلك وأخذ به تفتحت له الأبواب الموصلة إلى معرفة الحق، وهذا هو ما عناه الله تعالى بقوله عز من قائل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ … }[النساء: ٥٩]، فالرد إلى الله تعالى هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته المجمع على صحتها عند الجميع.
    ولو أن المختلفين فعلوا ذلك لارتفع الخلاف، والله المستعان وإليه ترجع الأمور.
    ولا يخفى أن الزيدية هي الطائفة الوحيدة التي تدعو إلى مثل هذا، وهو تحكيم الكتاب الكريم والسنة المجمع عليها.
  • ولا يخفى أن حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد تلاعبت به الأهواء، ومر بظروف سياسية أخضعته لمصالحها، وتعرض لكيد المنافقين، ودسائس المفسدين، ولخطأ الرواة، وأوهامهم و .. إلخ، وحينئذ فلا بد من طريق إلى تمييز الحديث الصحيح من غيره.
    وقد حاول أهل السنة والجماعة ذلك، فوضعوا الأسس والقواعد والموازين، وحققوا ودققوا، وبذلوا في هذا السبيل جهوداً عظيمة، إلا أن هذه المحاولة وذلك المجهود العظيم كان منحازاً لخدمة مذهب أهل السنة والجماعة الذي هو وليد سياسة معاوية. “»