تفسير قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾
هو: أن الله تعالى يحكم بضلال من يشاء ويحكم بهدى من يشاء، وهو جل وعلا لا يحكم بضلال المكلف إلا بعد أن يُبَيِّن له الحجة ويوضح له المحجة فإن أعرض بعد أن يستوضح ذلك ويتبينه ويستيقنه، حكم الله تعالى عليه حينئذ بأنه ضال هالك، وتماماً كما قال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون﴾ [التوبة:115], ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال:42]. وقد أخبر الله تعالى على سبيل الحصر والقصر عما ذكرنا في قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ26 الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة:26- 27]، فأخبر تعالى أن الضلال محصور ومقصور على الفاسق المتجاوز للحدود الذي ينقض عهد الله من بعد أن التزمه