Skip to content

الطريق إلى الإمامة

تاريخ النشر: سبتمبر 22, 2025
رقم الملف: 12916

Loading

ولا تثبت الخلافة والإمامة لأحد من الناس إلا بدليل شرعي، وذلك أنها ولاية على دماء الناس وأموالهم، وبها يثبت للإمام حق وجوب السمع والطاعة على الرعية فيما أمر ونهى، وبها يكون خليفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، يتكلم بلسانه، ويضرب بيده، ويكون له ما للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه ما عليه.

فلا يثبت هذا الأصل الشرعي العظيم لأحد من الناس إلا بدليل شرعي قاطع يذعن لصحته المسلمون.

فقالت الزيدية جميعاً: الطريق إلى الإمامة هو النص في علي عليه السلام والحسنين عليهما السلام على التعيين، وفي ذريتهم النص الجملي الذي تضمنه حديث الثقلين المتواتر المعلوم، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي)).

وقالت المعتزلة والأشعرية: لا نص على إمام معين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن أجمع الصحابة على العقد والاختيار، فمن عقد له واختير -وهو من قريش- صار إماماً؛ للإجماع على ذلك، والإجماع دليل شرعي، هكذا قالوا.

وقالت الحشوية: إن الإمامة تثبت بالقهر والغلبة.

وقالت الإمامية: النص الجلي على اثني عشر إماماً معينين بأسمائهم.

وأصح الأقوال وأقومها هو القول الأول الذي هو قول الزيدية.

أما غيره من الأقوال فلم يقم على شيء منها ما يدعمه من الدلائل.

أما احتجاج المعتزلة والأشعرية بالإجماع فهو احتجاج يكذبه الواقع، فبيعة أبي بكر كانت فلته وقى الله شرها من وقى كما روي في الصحاح، وبيعة عمر كانت بالوصية من أبي بكر بلا ريب، وبيعة عثمان كانت بالوصية من عمر في واحد من ستة، فلا إجماع في ذلك، ولا عقد، ولا اختيار.

فإن قيل: قد أجمعوا على إمامة أبي بكر، وإن كانت فلتة، وكذلك على إمامة عمر، وإن كانت بالوصية، وكذلك على إمامة عثمان، وإن لم تتدخل في إمامة واحد من الثلاثة جماعة الحل والعقد.

قلنا: لم يرض جماعة من الصحابة بإمامة أبي بكر، وفي مقدمتهم أمير المؤمنين عليه السلام، وذلك مشهور مذكور في كتب التاريخ.

وإرغامهم على البيعة بعد امتناعهم واجتماعهم في بيت فاطمة معلوم.

وسكوت أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه بعد ذلك لا يدل على الرضا، هذا مع أنه عليه السلام قد صرح بعد السكوت، وباح بما في نفسه، كقوله في الخطبة المسماة الشقشقية: (أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها ابنُ أَبِى قُحَافَةَ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ) …

إلى قوله: (فأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، أرى تراثي نهباً)….

إلى قوله: (فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ)…إلى آخر الخطبة، وله عليه السلام كلام كثير من هذا النوع مذكور في كتاب نهج البلاغة.

وبذلك يتبين بطلان قول المعتزلة والأشعرية.

وأما دعوى الإمامية فلم يأتوا عليها بدليل ولا شبهةَّ، ولم يخرجوا بها من دائرة الدعوى.

وهناك مذاهب أخرى:

منها: الإرث، قال به الذين يتشيعون لخلفاء بني العباس، ومنها: النص الجلي في أبي بكر، ومنها أيضاً: النص الخفي في أبي بكر.

والجواب: أن العباس رضي الله عنه لم يطلب الخلافة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا ابنه عبد الله، بل قال العباس يومئذٍ لعلي عليه السلام: أمدد يدك أبايعك، فيقال: عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بايع لعلي، فلا يختلف عليك اثنان.

وبايع عبد الله لعلي عليه السلام، وتولى له الأعمال، ونصره، و…. إلخ.

وأما دعوى النص في أبي بكر فكدعوى الإمامية. ولا يجوز قبول الدعاوي إلا ببراهين قوية، وحجج واضحة، وإلا وجب ردها