Skip to content

الأدلة الإجمالية على مسائل العدل

تاريخ النشر: سبتمبر 18, 2025
رقم الملف: 12780

Loading

العبد مختار في أفعاله يحدثها كيفما شاء على حسب إرادته وداعي نفسه، وهذا هو مذهب الزيدية والمعتزلة وغيرهم وجوابهم على من خالفهم في ذلك ما يلي:

1- مذهب الجبر متصادم مع ما يجده كل عاقل من نفسه، ويلمسه بضرورة عقله، في تصرفاته، وأفعاله التي يحدثها على حسب مشيئته وإرادته، من غير أي شعور بأي دافع سوى إرادته ومشيئته، وأقوى الأدلة على الإطلاق ما يحصل عن طريق الوجدان، وذلك أن العقل يدرك ذلك بالمباشرة من غير واسطة فكر أو نظر.

ويعبر المتكلمون عن مثل ذلك بالمعرفة الضرورية، وهي التي تحصل بغير واسطة فكر أو نظر، كعلم الإنسان بأنه جائع، أو عاطش، أو صحيح، أو سقيم، أو خائف أو آمن، أو أعمى، أو بصير، أو مضطر، أو مختار و.. إلخ.

ومن هنا فلا يستطيع أهل الجبر أن يدفعوا الفرق بين حركة المرتعش الذي يرتعش من الحمّى، وبين حركة المرتعش الذي يرتعش باختياره من غير مرض.

2- من المعلوم الذي لا شك فيه أن أفعال كل عاقل صادرة منه على حسب إرادته وكراهته، وهذا بخلاف الطول والقصر، وبياض اللون وسواده، فإنه لا يتوقف على إرادة العبد ومشيئته.

3- ومن القرآن قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصلت: 40]. فدل تعالى بهذه الآية على أن الأعمال صادرة من العباد، وأنها صادرة عن مشيئتهم، ونحو ذلك في القرآن كثير، وهو مملوء بنحو: تعملون، تصنعون، تفعلون.

4- لو كان الأمر كما تقوله المجبرة للزم أن يسمى الباري عز وعلا كافراً وكاذباً وظالماً وسارقاًَ و…إلخ، لأنه سبحانه هو الذي فعل ذلك، وأراده، وشاءه، دون العبد فإنه منزه عن ذلك، وبريء منه، ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ30 [التوبة].

انظر إلى أين بلغ بهم الهوى؟ وإلى أين تمادى بهم الضلال والشقاء؟ ينسبون فعل القبائح والعظائم إلى الله تعالى، وينزهون أنفسهم عن فعلها، ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً43 [الإسراء].

5- ويلزم المجبرة بطلان الأوامر، والنواهي، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وذلك أن أمر من لا يستطيع الفعل والترك قبيح. وعلى الجملة فهذا المذهب مذهب خرافي باطل، تَمُجُّهُ الفطرة، ويكذبه الوجدان والضرورة، وترده نصوص القرآن والسنة، ويتبرأُ منه العدل والحكمة، ولا يحتاج رده إلى أكثر من معرفته.