Skip to content

اعتراضات والرد عليها

تاريخ النشر: سبتمبر 21, 2025
رقم الملف: 12861

Loading

– قولهم: قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ53…} [الزمر] وقال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ…} [الرعد: 6] وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48].

قلنا: هذه الآيات ونحوها مطلقات مقيدات بالآيات الأخرى، كقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى82} [طـه] وهذا هو الواجب فيما كان كذلك من الآيات، فتكون المغفرة خاصة بالتائبين.

يبين صحة ما قلنا قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 49 وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ50} [الحجر].

2- فإن قيل: إذا كان الله تبارك وتعالى لا يغفر المعاصي إلا بالتوبة فما وجه تفرقة الله تعالى بين الشرك وما دونه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]؟

قلنا: الشرك ذنب عظيم يتميز عن سائر الكبائر والمآثم بأن الله تعالى لا يغفر ما كان منه عن طريق الخطأ أو الجهل إلا بخالص التوبة والرجوع إلى الله.

وهذا بخلاف سائر الكبائر التي ليست بشرك ولا كفر، فإن الله تعالى قد يغفرها إذا صدرت من المكلف عن طريق الخطأ والنسيان والجهل؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].

وفي الحديث: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).

ولزيادة الإيضاح نقول: إن الله تعالى أمر بقتل المشركين وقتالهم جميعاً، وعلى حسب ذلك قاتلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون وقتلوهم، من غير تمييز بين عامد وناسي، ومخطئ وجاهل، والمعلوم من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنته أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جيء إليه بزان أو سارق يستفهمه ويلح عليه في المسألة: هل تدري ما الزنا؟..وإلى آخر السؤالات والاستفسارات عن الأحوال التي وقع عليها الزنا أو السرق، مما يدلنا على الفرق الواضح بين الشرك وغيره من الكبائر.

3- قولهم: القرآن مملوء من نحو قوله تعالى: {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}.

قلنا: يجب حمل ذلك على الآيات المقيدة نحو قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ… الآية} [الأعراف: 156].

وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى82}[طـه].

وبعد، فإن الوعد بالنعيم والجزاء الحسن في جنات الخلد الذي ذكره الله تعالى في كتابه إنما هو للمتقين المطيعين لله تعالى، التائبين إليه، غير المصرين.

من ذلك قوله تعالى في سورة الفرقان: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً63} [الفرقان] إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا… الآية} [الفرقان: 75]. وقال سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ2… إلى قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ9 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ10 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ11} [المؤمنون] وقال سبحانه وتعالى: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ… إلى قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ135 أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ…الآية} [آل عمران: 135-136]، وقال سبحانه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ..الآية} الأعراف:156]، وقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ…} [النساء: 13]، وقال تعالى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ179} [آل عمران]، وقال سبحانه: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ… الآية} [آل عمران: 198] وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ3}.

وفي حديث الصحاح: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)).