Skip to content

أهم شروط الإمامة

تاريخ النشر: سبتمبر 22, 2025
رقم الملف: 12912

Loading

وأهم شروط الإمامة: المنصب، والعلم، والورع، والشجاعة، وحسن التدبير، والسلامة من النقص المخل بأعمال الخلافة ومن المنفرات، والأفضلية.

أما منصب الخلافة فهو علي عليه السلام، والحسن، والحسين عليهما السلام، وذريتهما.

والدليل على ذلك حديث الثقلين المشهور، المتواتر المعلوم، الذي روته طوائف الأمة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين فيه للأمة خليفتين يقومان مقامه صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته، ويسدان الفراغ الذي ستجده الأمة بعد فراق نبيها صلى الله عليه وآله وسلم: أحدهما كتاب الله تعالى، والآخر عترته أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم ثم بين صلى الله عليه وآله وسلم عترته أهل بيته في حديث الكساء المشهور المتواتر، الذي رواه مسلم وغيره، وبذلك يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين منصب الخلافة أكمل البيان وميزه أكمل التمييز.

وقيل: إن منصبها كل قريش، وقيل غير ذلك، واستدلوا على ذلك بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الأئمة من قريش)) و ((قدموا قريشاً ولا تقدَّموهم)).

 والجواب: أن المراد بذلك هم من ذكرنا؛ لحديث الثقلين، وحديث الكساء، ولإجماع أهل البيت عليهم السلام على ذلك، وإجماعهم حجة كما تقدم.

ولقول علي عليه السلام: (الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ).

ولأن من ذكرنا أمسّ رحماً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ…} [الأنفال: 75].

وهذا في حين أن الحديثين المذكورين من أحاديث الآحاد التي لا تفيد إن صحت إلا الظن، وما نحن فيه من مسائل العلم والاعتقاد التي لا تثبت إلا بالأدلة القطعية المعلومة، ودليلنا متواتر معلوم، متأيد بآيات الكتاب، وما لا يكاد يحصى من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد كان الواجب على الأمة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم -ولو لم يكن ثَمَّ نصوص- أن تنصب بعد موته لشغل منصة الخلافة أهل بيته، وذلك أن أهل بيت الرجل أحق الناس بمكانه، وعلى هذا كانت جميع العرب والعجم، وما زالوا على ذلك إلى هذا القرن، غير أن الأمة بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم تنكرت للسنة العامة للبشر، وخرجت عن قوانينها، وأعرضت عن نصوص نبيها كل الإعراض.

وأما العلم فيشترط أن يكون مجتهداً، وذلك أن الإمام خليفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقائم مقامه، ولا يستطيع القيام بحق الخلافة إلا العالم المجتهد، أما الجاهل فلا يتصور منه القيام بتطبيق شرائع الإسلام وتنفيذها.

وأما الورع فهو العمدة التي تدور عليه رحا الخلافة؛ لأن الغاية من الخلافة هي إقامة العدل بين الناس، والإنصاف، و…. إلخ، والذي لا يتورع عن المحارم لا يحصل منه ذلك؛ لأن النجاسة لا تطهر إذا غسلت بالنجاسة، وإنما تطهر بغسلها بالماء الطاهر.

قال بعض المتكلمين: إن الإمامة والخلافة تنعقد لصاحبها بالغلبة ولو فاسقاً وجاهلا، وهذا مذهب شائع عند أهل السنة، والذي يظهر لي أنه مذهب فرضه الواقع السياسي، فقد كان الناس يبايعون بالإمامة والخلافة منذ عهد معاوية للمتغلب على السلطان، من غير نظر إلى استحقاق المتغلب للإمامة، وبذلك يسمى إماماً وخليفة.

ولا يحتاج رد مثل هذا القول إلى إيراد الأدلة، ففطر العقول لا ترى الخائن الغادر أهلا ً لحمل أي أمانة وإن صغرت، فكيف يكون أهلاً لحمل أمانة الخلافة التي هي وظيفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وقد قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ…} [هود:113] وقال سبحانه: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً51} [الكهف]. وقال جل شأنه: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ124} [البقرة].

وأما الأفضلية فلا بد أ ن يكون أفضل أهل زمانه، أو من أفضلهم، وذلك في العلم والورع، وحسن التدبير، والسياسية، وحسن البيان، وحسن الخلق، ونحو ذلك مما له دور في أعمال الخلافة.

ودليل ذلك قوله تعالى: {… قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ…} [البقرة: 247].

وقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:34]، ففي هاتين الآيتين يبين الله تعالى أن الملك والولاية بسبب زيادة الفضل.

وعلى ذلك أجمعت الصحابة، فمن قرأ ما وقع في بيعة أبي بكر وعمر وعثمان عرف ذلك وتحققه.

وهذا بالإضافة إلى ما ركزه الله تعالى في فطر العقول من استقباح تسلط المفضول على الفاضل، ألا ترى إلى ما في أمر الابن لأبيه، والصغير للكبير، والجاهل للعالم، و…إلخ من السماجة وقلة الأدب.

واشترط أبو العباس في الإمام أن يكون معصوماً، ولا دليل على ما قال، ولا طريق إلى العلم بها بعد ارتفاع الوحي، ولعل مقصوده بذلك أن من ظهرت لنا كمال خصال الإمامة فيه فإنه يحكم بعصمته؛ لأنه لو لم يكن كذلك لظهر خفي فسقه. ولا حاجة إلى اشتراطها مع اشتراط العدالة والورع، وفرض حصول المعصية لا يخلّ ولا يقدح مع العدالة والورع، وإذا عصى الإمام بالكفر أو الفسق بطلت إمامته كما لو مات