أهمية الإمامة
مسألة الإمامة من أكبر مسائل أصول الدين وأعظمها، وذلك لما يترتب عليها من جهاد الظالمين، وإحياء الدين، وإقامة العدل والإنصاف والحدود، وتأمين الطرق، وجمع الصدقات والفيء، ثم توزيعها، ولما فيها من إصلاح الدين والدنيا.
والإمام خليفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقائم مقامه، يقوم بأعماله ووظائفه؛ لذلك وجبت معرفة الإمامة على كل مكلف، يؤكد ذلك الخبر المشهور: ((من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية)).
وفي نهج البلاغة ((إِنَّمَا الْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ)).
وقد نقل في شرح الأساس في هذا المعنى شيئاً كثيراً عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، ذكروا فيه التأكيد والتشديد في وجوب معرفة الأئمة على كل مكلف.
إلا أن الإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام استثنى من ذلك الأعجمي والمرأة والجاهل الذي لم يقرأ القرآن، ولم يعلم العلم، فإنه قال: إن جملة الإسلام تجزيهم.
أراد عليه السلام أن إقرارهم بالإسلام جملة يجزيهم.
ولا تكون الإمامة إلا لشخص واحد، وذلك أن تعدد الأئمة في وقت واحد وبلاد واحدة يؤدي إلى التشاجر والنزاع والفساد.
وهذا بخلاف النبوة فلا يحصل فيها شيء من ذلك؛ لأن النبي يتبع الوحي، وقد يجوز قيام إمامين في وقت واحد، وذلك إذا تباعدت بين الإمامين الديار، مثل ما كان بين الإمام الهادي إلى الحق وبين الإمام الناصر الأطروش عليهما السلام.
والإمامة من الواجبات التي أوجبها العقل والشرع.
فالعقل يوجب دفع ضرر بعض الناس عن بعض، ولا يتم ذلك إلا بالإمام، وذلك أن الناس مع كثرتهم واختلاف طبائعهم ودواعيهم لا ينفكون عن عدوان بعضهم على بعض، وظلم بعضهم بعضاً، ولا ينزجرون عن ذلك، ولا ينفكون عنه إلا إذا كان هناك رئيس له قوة وسطوة وأعوان، يمنعهم الخوف منه عن الظلم والعدوان، ثم إن عادة البشر في كل زمان ومكان لا يوجد منهم قبيلة أو شعب إلا وله رئيس يمنع القوي من الضعيف، وينتصف للمظلوم من الظالم.
وأما دليل الشرع فإنه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجمعت الصحابة على أنه لا بد من رئيس يقوم بأمر الأمة، ثم من بعدهم إلى اليوم، فإنهم حين يموت الإمام يفزعون إلى نصب إمام، ويطلبونه، ويعتقدون وجوب قيامه.
والواجب على الأمة إعانة من يصلح لها بالمال والنفس والجنان والأركان، وعلى ذلك اتفقت الأمة.
وذلك لأنه لا يتم حفظ بيضة الإسلام، وإقامة شعائره، وإقامة العدل والإنصاف، وإقامة الحدود، و.. إلخ. إلا بإعانة الإمام ونصرته.