مكانة الزيدية ودورها في أنواع العلوم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو إمام الزيدية، وقد كان عليه السلام هو أول من فتح للناس باب علم الكلام، وذلك كتابه عليه السلام (نهج البلاغة) الذي تنحني لبديع فلسفته إن صح التعبير جباه فلاسفة الروم واليونان، وتتصاغر أمامها فلسفتهم، ومنه عليه السلام أخذ علماء الكلام فلسفتهم الكلامية.
قال ابن أبي الحديد في ج1/ 17 وهو يتحدث عن ابتداء علم الكلام: ومن كلامه عليه السلام اقتُبِس، وعنه نُقل، وإليه انتهى، ومنه ابتدأ؛ فإن المعتزلة الذين هم أهل التوحيد والعدل، وأرباب النظر تلامذته عليه السلام، وذلك أن واصل بن عطاء هو كبير المعتزلة قد أخذ العلم عن أبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية، وأبو هاشم تلميذ أبيه، وأبوه تلميذ علي عليه السلام.
وأما الأشعرية فإن كبيرهم أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري، وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشائخ المعتزلة.
وأما الزيدية والإمامية فانتماؤهم إليه ظاهر. انتهى.
ثم قال في ص 18: ومن العلوم علم الفقه وهو عليه السلام أصله وأساسه، وكل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه ومستفيد من فقهه؛ فأبو حنيفة أخذ الفقه عن جعفر بن محمد عليه السلام، والشافعي أخذ الفقه عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة…إلخ. انتهى.
ثم قال في ص 19: ومن العلوم علم تفسير القرآن، وعنه أُخِذ ومنه فُرِّع، وإذا رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك؛ لأن أكثره عنه وعن عبدالله بن عباس، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له عليه السلام، وانقطاعه إليه، وأنه تلميذه وخرِّيجه، وقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط.
ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي، والجنيد، وسَرِيّ، وأبو يزيد البسطامي، ومعروف الكرخي، وغيرهم. انتهى كلام شرح نهج البلاغة.
قلت: وصدق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب)) أو كما قال.
ثم نقول بعد ذلك: إن التأريخ قد ظلم الزيدية حيث أغفل ذكرها في هذا المجال وحظها الأكبر وتقدمها وسبقها في تقرير فلسفة الكلام وقواعد الأصول وعلم الفقه والحديث والتفسير و…إلخ؛ فلا تكاد تسمع لهم في كتب التأريخ في هذا المجال حساً ولا حركة.
[من ثمار العلم والحكمة للسيد العلامة الحجة/محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله]