قول الأشعرية في الرؤية والجواب عليهم
وأما قولهم: إن الله تعالى يرى بلا كيف، فمعناه أنه تعالى يرى وهو غير متصف بأي صفة من الصفات، فتقع عليه تعالى رؤية الرائي يوم القيامة في حال لا يكون فيها الباري متحركاً، ولا ساكناً، ولا طويلاً، ولا قصيراً، ولا عريضاً، ولا له لون من الألوان، ولا يكون أمام الرائي ولا خلفه، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا فوقه ولا تحته، ولا هو قريب ولا بعيد، ولا… إلخ. هكذا يريدون بقولهم: إنه تعالى يرى بلا كيف.
وإنما قالوا ذلك لينفوا عنه صفات الأجسام المحدثة، التي لو أثبتوها للزم أن يكون الله تعالى محدثاً، فجاءوا بما لا يمكن للعقل أن يصدقه وهؤلاء هم الأشعرية.
ولما كانت هذه المقالة متناقضة وغير معقولة، قال الرازي- وهو من أئمة الأشعرية-: المعنى أن الله تعالى يُعرف يوم القيامة معرفة ضرورية، بحيث لا يتطرق إليها الشك.
أما سائر أهل هذه المقالة فإنهم لما وقعوا في مضائق هذا المذهب، وعجزوا عن المجادلة عنه قالوا: الإيمان بالرؤية واجب، والسؤال عن الكيف بدعة، هذا آخر ما احتجوا به على مذهبهم. وقال ضرار بن عمرو – من المجبرة – حين أعيته الحيل: إن الله تعالى يُرى يوم القيامة بحاسة سادسة، وإنما قال ذلك هرباً مما لزمهم من أن الرؤية لا تقع إلا على الأجسام و… إلخ، فاخترع لدفع ذلك هذا القول.