Skip to content

د- ما الذي يجعل الزيدية مطمئنين إلى أنهم على الحق المبين؟

تاريخ النشر: سبتمبر 16, 2025
رقم الملف: 12703

الجواب:

الذي يجعل الزيدية مطمئنين إلى أنهم أصابوا الحق هو أن كل المسلمين بجميع انتماءاتهم اليوم يشهدون لهم بذلك من حيث أرادوا ومن حيث لم يريدوا، وإن لم يكن صريحًا فضمنًا.

ومما يجعلهم مطمئنين إلى إصابة الحق عدة أمور منها:

  1. الزيدية -والحمد لله- تدين الله بما أجمع على صحته المسلمون كما سيتضح، ووقفتْ على ذلك ولم تتعده كما تعداه غيرهم.
  2. أن أصول دينهم إما حجة عقلية قاطعة، أو آية محكمة لا يتطرق إلى معناها احتمال، أو حديث متواتر لا ينازع في صحته أحد.

فجاءت عقائدهم لذلك صحيحة صريحة خالية من التكلف والاعتساف لا تحوم حولها الشبهات، ولا تنفر منها الطباع، وانظر إلى غيرهم تجد الفرق واضحًا حيث جعلوا من أصولهم عدم الوثوق بحكم العقل، واعتماد الأحاديث الآحادية التي لا تفيد في أحسن أحوالها إلا الظن في معرفة الله، وجعل المتشابه من القرآن حاكمًا على المحكم فخصصوا المحكم بالمتشابه، وتأولوه بما يوافقه، وكان العكس هو الصواب عملًا بقوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ 7﴾[آل عمران]، فمعنى قول الراسخين في العلم: (كل من عند ربنا) أي: كل من المحكم والمتشابه، فلا يناقض بعضه بعضًا لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا 82﴾[النساء]، لكن يجب أن نفهم المتشابه بما يوافق المحكم لأنه أم الكتاب، ومعنى (أم الكتاب) المرجع الذي يجب أن يرجع إليه عند الاختلاف كما تسمى مراجع الكتب بـ أمهات الكتب، وتسمى القرية الكبرى التي ترجع إليها بقية القرى بأم القرى، فالمحكم أم الكتاب؛ لأنه المرجع الذي يجب أن يُرجع إليه عند الاختلاف في تفسير آيات الكتاب.

  • لم تغلُو الزيدية في أهل البيت عليهم السلام، ولم تنسب إليهم صفات الخالق عز وجل، ولم تتخذهم أربابًا من دون الله يدخلون الجنة من والاهم و لو كان عدوًا لله مرتكبًا للفواحش والموبقات، ولم تدعِ الزيدية لأهل البيت أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم أفضل من الملائكة والأنبياء صلوات الله عليهم؛ بل جعلتهم حيث جعلهم الله ورسوله هداة إلى دينه، حملة لشريعة نبيئه من بعده، من كان منهم عالمًا لكتاب الله، حافظًا لسنة رسول الله، عاملًا بهما، معليًا لشأنهما.
  • لم يظهر عند الزيدية لا في الأصول ولا في الفروع ما تستفحشه العقول، أو تمقته الطباع، فلا يوجد عندهم القول بجواز المتعة، ولا يوجد عندهم ضرب النفس وإراقة الدماء ندمًا وبكاءً على الحسين عليه السلام

ومما يلخص ما قلناه قول الإمام يحيى بن حمزة عليه السلام في سياق التدليل على  أحقية الزيدية: «المسلك الثالث: ما خصهم الله سبحانه من الخصائص الشريفة في العلم والورع والتقوى، فأما مذاهبهم في الإلهيات فمستقيم على قانون الحق في وجود الله تعالى وصفاته الذاتية، ويستقيمون على الطريقة الصحيحة في حكم الله تعالى، وهكذا القول في مضطرباتهم الفرعية الاجتهادية، وأنظارهم في المسائل الشرعية لا تخالف أصولهم فروعهم، ويعدلون عن المذاهب الغريبة، ويستقيمون على مألوف الشرع، لم يسقط أحد منهم في نظره عن القضايا العقلية ولا أخذ منهم بنظر غريب في المسائل الخلافية؛ بل هداهم الله تعالى إلى أوضح الطريق وأيمن الملل وأعدلها وأقومها على الحق وأوضحها». اهـ.

وكذا كلام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير في قوله: «فانظر بعين الإنصاف إلى أئمة العترة الطاهرة ونجوم العلم الزاهرة كيف سلمت علومهم من كل شين، وخلصت من كل عيب، ولم يشب تصانيفهم شيء من علوم المتكلمين، ولا حط من قدر شيعتهم المتعبدين شيء من بدع المتصوفين، ولا ظهر في أدلتهم على مذاهبهم شيء من تكلف المتعصبين، ولا استمالتهم عن المنهاج السوي شبه المشبِّهين، تنزهوا عن غلو الإمامية الجهال، وعماية النواصب الضلَّال، وهفوات أهل الحديث والاعتزال، فهم النمرقة الوسطى، وسفينة النجاء، والعصمة من الأهواء بعد أبيهم المصطفى صلى الله وسلم عليه وعليهم أجمعين». اهـ.

هذا والحافظ المذكور من أعظم من نُسبت إليه المخالفة لطريقة آبائه، حتى تداول كتبه ومؤلفاته ودرسوها في مدارسهم المخالفون لنا، فهي كشهادة الخصم لخصمه، والحمد لله.

Loading