السؤال
كيف صفة زيارة القبور؟ وما هو حكم التبرك والتمسح بالقبور؟ وما هو حكم الصلاة عندها؟
الجواب
الجواب والله الموفق: خلاصة كيفية زيارة القبور: أن تكون على صفة زيارة الحي فيقف الزائر أو يجلس مواجهاً للميت، ولا يرفع صوته، ويتأدب في زيارته كما يفعله الزائر للحي من الأدب والوقار، ويسلم على الميت، ثم بعد السلام يدعو له بالمغفرة والرحمة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول في زيارته للقبور: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون...)) إلخ.
حكم التبرك: التبرك بقبور الأنبياء والصالحين جائز، وقد أوصى أبو بكر وعمر أن يقبرا بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ملتمسين البركة بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة.
حكم التمسح بالقبور: والتمسح بقبور الأنبياء والصالحين جائز، والممنوع: عبادة القبور، والتمسح ليس بعبادة.
حكم الصلاة عند القبور: في الحكم تفصيل؛ هو:
1-الصلاة فوق القبر محرمة؛ أما فوق قبر المسلم فلما فيها من الامتهان لحرمة القبر، وأما فوق قبر الكافر فلما يلزم في الصلاة من الابتعاد عن النجاسة.
2-الصلاة بين القبور منهي عنها.
3-الصلاة بجوار القبر جائز.
والنهي عن الصلاة بين القبور قد يكون لما فيه من الإضرار بالزائرين، أو لما فيها من إيهام عبادة القبور.
أما الصلاة بجوار القبور إذا لم يكن المصلي مستقبلاً للقبر فلا مانع منها، والمسلمون منذ عهد الصحابة إلى اليوم يصلون بجوار قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير نكير أحد.
ومعنى التبرك: التماس البركة، وزيادة الخير في الدنيا وفي الآخرة، فالبركة الدنيوية نحو: عافية الأبدان، والسلامة من الآفات، وزيادة الأعمار،وصلاح الثمار، وزيادة الخصب، وزيادة الأرباح، وصلاح ذات البين، وصلاح الأزواج والأولاد، و...إلخ.
والبركة الأخروية، نحو: مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، وزيادة الحسنات، ومضاعفة الثواب ونحو ذلك.
وفي الحديث: ((صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد...)) إلخ، وما ذلك إلا ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد حث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الصلاة في مسجد قباء ليمن أهله وبركتهم، وحذره من الصلاة في مسجد الضرار لشؤم أهله.
ولِيُمْنِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبركته بارك الله تعالى في المدينة؛ فرفع عنها الوباء، وجعلها حرماً آمناً...إلى غير ذلك من الفضائل التي حصلت للمدينة ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويمنه.
نعم، هناك بركة عامة وبركات خاصة؛ فالبركة العامة: ما جعل الله تعالى في الأرض حين خلقها: ﴿وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ [فصلت10].
والبركات الخاصة: مثل ما جعل تعالى في أرض الشام: ﴿الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ71﴾ [الأنبياء]، ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء1]، وقد أهبط الله تعالى نوحاً ومن معه من السفينة بسلام وبركات عليه وعلى أمم ممن معه.
وفي إبراهيم _ وآله: ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ73﴾ [هود].
وفي صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).
ويوم الجمعة يوم مبارك، وكذلك ليلة الجمعة، وشهر رمضان شهر مبارك، وليلة القدر، ويوم عرفة وليلتها، والعشر الأول من ذي الحجة، وأيام العيدين والتشريق، ويوم الاثنين والخميس، وآخر ساعة تبقى من الليل، ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان3].
ودعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لليمن والشام بالبركة، وهو صلى الله عليه وآله وسلم مجاب الدعوة..إلى غير ما ذكرنا مما جعل الله تعالى فيه البركة.
ولم يجعل سبحانه وتعالى البركة في شيء مما ذكرنا إلا لينتفع بها العباد، نص الله تعالى على بعض ذلك كما في قوله تعالى: ﴿الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ71﴾ [الأنبياء].
وحينئذ فالله سبحانه وتعالى يريد منا طلب البركة والتماسها والحصول عليها، وما جاء من الترغيب في التماس ليلة القدر في العشر الأواخر ومن الدعاء في آخر الليل وفي يوم عرفة، و..إلخ.
- تصنيفات الموقع