شهادة المختلفين في المذهب بعضهم على بعض
السؤال
سؤال: هل تقبل شهادة المختلفين في المذهب بعضهم على الآخر أم لا؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أنه ينبغي ألَّا تقبل شهادة بعض أهل المذاهب على البعض الآخر ممن ليس على مذهبه؛ وذلك لما ينشأ بينهم في العادة من العداوات، وقد تقرر في الشرع أنه لا تقبل شهادة العدو على عدوه، وهذا مع أن كل طرف يرى أن الآخر غير عدل، فلكل حينئذٍ أن يطعن في الشاهد بأنه غير عدل.هذا، وأما شهادة المجبرة مثلاً بعضهم على بعض، أو المشبهة، أو المرجئة، أو أي أهل مذهب يشهد بعضهم على بعض عند حاكم- فإن لهذا الحاكم أن يحكم بتلك الشهادة وإن كان لا يرى أصحاب الشهادة عدولاً في مذهبه.ودليل ذلك: حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على اليهوديين الزانيين بالرجم بعد قدومه المدينة بناءً على شهادة بعض اليهود عليهم بالزنا.هذا، ويشترط في الشهود أن يكونوا مرضيين عند أهل تلك الطائفة.ويتفرع على هذا قبول شهادة الأعراب بعضهم على بعض في البيوعات والنكاح والطلاق ونحو ذلك، ومثلهم كثير من أهل الأطراف البعيدين عن التعاليم الإسلامية، وكثير من أهل القرى الذين غمرتهم الجهالات، فإنها تقبل شهادة بعضهم على بعض قياساً على ما تقدم، إذا كان الشهود ممن ترضى شهادتهم في تلك البلاد.
والذي ألجأنا إلى ما قلنا هو الضرورة، وقد أجاز الله تعالى شهادة غير المسلمين للضرورة في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: ١٠٦]، فلو لم تقبل شهادة من ذكرنا لبطلت عقود البيوعات والأنكحة وسائر العقود، وترتب على ذلك من الفساد شيء عظيم، ولفتحنا على الناس باب شر كبير، والله تعالى يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، ويقول: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].
- تصنيفات الموقع