[إذا طلب الخصمان حكم الله]
السؤال
سؤال: إذا قال الخصمان للحاكم: احكم بيننا بحكم الله، وكان ما وقع فيه النزاع من المسائل الاجتهادية، فهل يحكم باجتهاده؟ وإذا حكم باجتهاده فهل له أن يقول إنه حكم الله؟ وهل يجوز ويصح حكم المقلد؟ وإذا جاز وصح هل يقال فيه: إنه حكم الله؟
الجواب
الجواب والله الموفق: إذا حكم الحاكم في المسألة الظنية الاجتهادية باجتهاده صح له، وجاز أن يقول: إن ذلك حكم الله.
والدليل على ذلك: أن الله تعالى قد أمر في كتابه بالحكم بين الناس بما أنزل الله، وأمر بالحكم بالحق، والحكم بالحق يشمل الحكم بما أنزل الله، وبما جاء به رسول الله ÷، وبما جاء من الإجماع، وبما صح في القياس والاجتهاد، ولما روي في حديث معاذ حين سأله النبي صلى عليه وعلى آله وسلم: «كيف تقضي؟» قال معاذ: بكتاب الله، ثم بسنة رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم، ثم أجتهد رأيي؛ فقرره رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . هذا هو الجواب على الطرف الأول من السؤال.
أما الطرف الثاني: فحكم المقلد يجوز ويصح عند الضرورة، ولا شك أن البلاد إذا كانت متسعة فإن المجتهدين لا يغنون، فتدعو الحاجة إلى نصب حكام مقلدين ليسدوا الفراغ، فإذا حكموا فيجوز ويصح لهم أن يقولوا: إن ذلك حكم الله؛ لأن التقليد في حق غير المجتهد طريق شرعي لأخذ أحكام الله تعالى؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٧}[الأنبياء].
والذي يظهر لي أنه يشترط في القاضي الذكاء والفطنة وقوة الفهم والأناءة؛ لأنه بذلك يصل إلى معرفة الحيل، ومعرفة الدعاوى الباطلة، وتمييز المحق من المبطل بواسطة النظر في القرائن الخفية.
ومن هنا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم فتح مكة ولَّى عتاب بن أسيد وهو من الطلقاء على مكة، ولم يكن عتاب يومئذ من الراسخين في علم الكتاب والسنة.
📘 من ثمار (العلم والحكمة فتاوى، وفوائد )
للسيد العلامة الحجة محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله
- تصنيفات الموقع