السؤال
رجل طلق زوجته تطليقة، ولم يدر أكانت هذه التطليقة قبل البلوغ أم بعده، ثم تنازع هذا الرجل هو ورجل آخر على أمر فحلف بالطلاق أن ذلك الأمر لم يقع فانكشف أنه قد وقع؛ فكيف الحكم في ذلك أفتونا والسلام؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أن المطلِّق إذا صدر منه الطلاق ثم التبس عليه هل كان ذلك قبل البلوغ أم بعده فالأصل عدم البلوغ، وعليه فلا يقع طلاق الصبي، وهذا موافق لقواعد المذهب، ودليله قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء36]، والصغر معلوم، والبلوغ غير معلوم، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [يونس36].
نعم، هذا هو ما يقتضيه الحكم والفتوى، فإن احتاط المسلم فهو خير له وأسلم؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)).
هذا، وأما الحلف بالطلاق على أمر يعتقده الحالف اعتقاداً ويعتقد أنه كما قال وكما حلف، فانكشف أن الأمر على خلاف ما اعتقده فالذي يقتضيه النظر: أن الطلاق لا يقع؛ وذلك لأمور:
1-أن هذا الإنسان يعتقد أنه صادق، وقد قيل: إن الصدق هو موافقة الاعتقاد من غير نظر إلى مطابقة الواقع أو لا مطابقته.
2-أن مثل هذا الاعتقاد معتبر في الشريعة، وعليه تبنى الأحكام، و...إلخ، وذلك نحو المجتهد فإنه مكلف بما اعتقد رجحانه، ولا يجوز له مخالفة اعتقاده، ومن هنا قيل: (إن كل مجتهد مصيب)، ونحو من اعتقد أن ما في تلك القارورة خمر فإنه لا يجوز له شربه وإن كان ماءً، فإن أقدم على شربه مع اعتقاده أنه خمر فإنه آثم، وهذا دليل على أن الأحكام تتعلق بما يعتقده الإنسان لا بالواقع.
3-وقد قيل: إن العبرة في صحة الأحكام أو فسادها بالابتداء، وذلك كمن وقف في «عرفة» متحرٍّ فانكشف الخطأ- صح وقوفه اعتباراً بالابتداء، وهذا هو المذهب.
4-الأصل بقاء الزوجية.
5-قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة225]، وهذه اليمين لغو.
6-قوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب5].
- تصنيفات الموقع