السؤال
هناك زوجان لهما أولاد قد تزوجوا، أخبرتهما امرأة أنها أرضعتهما فارتبكا أشد الارتباك لهذا الخبر بعد طول الصحبة وبلوغ الشيخوخة، فما هو الحل في أمرهما؟ فهما في حيرة شديدة، أفيدونا والسلام؟
الجواب
الجواب والله الموفق والمعين: إن الزوجين إذا حصل لهما ظن غالب بصحة قول المرأة التي أخبرتهما بالرضاع- فإن الواجب عليهما أن يتفارقا.
والمراد بالظن الغالب هو ما كان فوق خمسين بالمائة، وإن حصل عند الزوجين خمسون بالمائة أن قول المرأة صحيح أو أربعون بالمائة- فالأولى لهما الفراق ولا يجب عليهما، هكذا قرره أهل المذهب .
والدليل على ما ذكرنا أن الظن الغالب ينزل منزلة العلم في كثير من الأبواب الشرعية التي لا يمكن الوصول فيها إلى العلم.
والدليل على أنه لا تجب المفارقة مع الشك والوهم: أن الأصل عدم الرضاع، ولا يصح الانتقال عن هذا الأصل إلا بدليل، وما يفيد الشك ليس بدليل. ولعل السر -والله أعلم- هو تدافع التجويزين بسبب استوائهما، مما أدى إلى سقوطهما جميعاً كالبينتين إذا استوتا فإنهما تسقطان.
وأما أن الأولى في هذه الحال هو المفارقة؛ فلما في المفارقة من الاحتياط.
فإن قيل: قد روي ما معناه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني أريد أن أتزوج من امرأة، وإن امرأة سوداء قالت لي: إنها أرضعتني وإياها، وإني أظنها كاذبة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((كيف به وقد قيل؟)) هذا معنى الرواية؛ فهذا يدلّ على خلاف ما يقوله أهل المذهب.
قلنا: هذه الرواية في الدخول في الزواج، وما ذكره أهل المذهب هو في الخروج من الزواج، وبين المسألتين فرق فتأمل.
[فإن قيل]: لا يتم هذا الجواب لأن الرواية ثبتت أن الرجل كان قد تزوج، فالجواب حينئذ: أن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم للرجل بفراق امرأته كان على جهة الندب والاحتياط؛ بدليل الرواية التالية وهي:
وروي في شرح الأحكام: أن امرأة جاءت إلى رجل تزوج امرأة فزعمت أنها أرضعتهما فأتى علياً عليه السلام فسأله فقال: هي امرأتك ليس أحد يحرمها عليك، وإن تنزهت فهو أفضل.
- تصنيفات الموقع