Skip to content

حكم ناسي الحلق والتقصير

المفتي:
السيد العلامة محمد بن عبدالله عوض المؤيدي
تاريخ النشر:
رقم الفتوى: 5862
عدد المشاهدات: 12
اطبع الفتوى:

السؤال

أحرمَ رجل بالعمرة ثم طاف وسعى ونسي الحلق والتقصير، ثم خرج إلى الحل وأحرم بعمرة أخرى طاف لها وسعى ثم حلق أو قصر، ثم ذكر أنه لم يحلق أو يقصر للعمرة الأولى؛ فما هو اللازم على هذا الناسي؟

الجواب

الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب قد ذكروا الحكم فيمن أدخل نسكاً على نسك وذكروا أنّ الدخيل يتعيّن للرفض، وذكروا أن الرفض يكون بالنية، وهذا الرجل قد أدخل نسكاً على نسك ولم يرفض الدخيل، بل الذي يظهر من السؤال أن الرجل قد دخل في العمرة الثانية معتقداً أنه قد خرج من الأولى.
هذا، وبناءً على ما فهمته من كلام أهل المذهب في الشرح أنه يلزمه دم لأجل الرفض، وتصح له عمرة واحدة، وهي الأُولى، ويكون الحلق أو التقصير للأولى، ثم يلزمه قضاء العمرة الثانية، وهذا مع نيته الرفض.
هذا، ويمكن أن يقال: إن الجهل والنسيان عذر؛ لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة286]، وقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب5]، وهاتان الآيتان عامّتان للحج وغيره، وبخصوص أعمال الحج قال تعالى في قتل الصيد: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ﴾ الآية [المائدة95].
وفي حديث الحج عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُسأل يوم العيد ممّن نسي ترتيب مناسك ذلك اليوم فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا حرج)) فما سُئل صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا قال: لا حرج.
هذا، ولم يأمر صلى الله عليه وآله وسلم الذي تكلّم في الصلاة بالإعادة، ولا الذي صلى وحده خلف الصفوف، بل اكتفى صلى الله عليه وآله وسلم بإرشادهم إلى الصواب. وجاء منه صلى الله عليه وآله وسلم في الصيام قوله: ((من أكل أو شرب ناسياً فليتمّ صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) إلى غير ذلك مما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب.
فبناءً على ذلك فنقول: إن هذا الناسي قد اعتقد خروجه من العمرة الأولى ودخل في الثانية بناءً على ذلك فيكون ذلك بمنزلة الرفض للأولى، بل إن ذلك هو معنى الرفض، وقد تمت بناءً على ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((والعمرة الطواف بالبيت)) أو كما قال، وعلى هذا فتصح العمرة الثانية فإذا ذكر عند الحلق أو التقصير للعمرة الثانية أنه لم يفعل ذلك لها فلينو بذلك أنه للعمرتين.
وإنما قلنا ذلك قياساً على القارن، فإنه أول ما يأتي مكة يطوف ويسعى للعمرة ثم يشتغل بأعمال الحج قبل أن يحلق أو يقصر للعمرة ثم يحلق أو يقصر في يوم العيد لحجه وعمرته.
نعم، هذا الذي ذكرنا هو الأقرب إلى سماحة الإسلام المعلومة من نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج78]، وقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة185]، ومن نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((بعثت بالحنيفية السمحة)) أو كما قال، وأكثر ملاءمة لما ذكرنا سابقاً في أول البحث.
نعم، ذكر أهل المذهب أن الحلق أو التقصير في الحج- تحليل محظورٍ، وأنه في العمرة- نسك؛ فبناءً على هذا يستقيم ما ذكرنا، فيقضي ما ترك وهو الحلق أو التقصير بعد فراغه من العمرة الثانية، ولا يلزمه شيء من الدماء؛ للجهل والنسيان.
وقد قال أهل المذهب كما في حواشي شرح الأزهار: أن من بقي عليه طواف الزيارة فإنه يجوز أن يحجّ عن غيره ويطوف عن غيره في السنة المقبلة، فيقاس هنا من بقي عليه الحلق أو التقصير بجامع كون كل منهما ركناً.
هذا، ويؤخذ من كلام الأزهار أن الإحرام الثاني صحيح، وذلك من قوله: ويتثنى ما لزم قبله (أي: قبل الرفض) من الدماء.

فتاوى أخرى