[حكم تقسيم مال مجنون غلب الظن بأنه قد هلك]
السؤال
سؤال: رجل مجنون له أربع أخوات وأم وعم وأبناء عم، غاب هذا المجنون منذ أكثر من خمس وسبعين سنة، وقد كان عمره يوم غاب أكثر من خمسة عشر عاماً، ولم يعلم له خبر من يوم غيابه إلى الآن، وأكثر الظن أنه سار في غير طريق، وأن الوحوش قد أكلته، وقد كان حصول هذا الظن بسبب تتبع أثره، فإنه قد انقطع الأثر في بعض القفار الْمُسْبِعَة، أفتونا كيف يكون تقسيم مال هذا المجنون فإن النزاع قائم في ذلك؟هذا، وما زالت اثنتان من أخواته على قيد الحياة، والثالثة قد ماتت قبل سنة تقريباً، والرابعة ماتت قبل ذلك بخمس سنوات تقريباً؟ والعم قد مات قبل ذلك بكثير، وما زال أولاده على قيد الحياة إلى الآن؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أنه إن حصل للورثة الظن الغالب بموت المجنون في أول أيام غيابه، وذلك بالقرائن الدالة على ذلك، فإن لهم أن يقتسموا ما تركه المجنون، وعليه فيكون لأمه السدس ولأخواته الأربع الثلثان، والباقي لعمه؛ لأنه عصبته وذلك السدس.
نعم، العمل بالظن الغالب في مثل هذا جائز، وهو مذهب بعض أئمتنا $ منهم المؤيد بالله # كما في الأزهار.
والدليل على جواز العمل بالقرائن هو: ما ذكره الله تعالى وحكاه في سورة يوسف # من الدليل على براءته في قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ>فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٢٦ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٢٧ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ٢٨ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ... } الآية [يوسف].
وجه الاستدلال بذلك: أن الله تعالى حكى ذلك دليلاً على براءة يوسف، ولم ينكره بل أقره.
هذا، وإن لم يحصل للورثة الظن الغالب بموته انتظروا بقسمة ماله إلى أن يحصل لهم الظن الغالب أو العلم بموته فمتى حصل لهم ذلك اقتسموا ماله، وعليه فتكون قسمة ماله على الأحياء من ورثته الذين كانوا أحياءً في حين حصول العلم بموته أو غالب الظن، وقد قرر علماء المذهب أن حصول ذلك يكون بمضي العمر الطبيعي وهو مائة وعشرون سنة.
وعندي أن العمر الذي ينتظر به في حق الغائب الضائع يقدر بأعمار الغالب من الناس والجم الغفير من أهل بلاده وذلك من الثمانين إلى التسعين، فإن المعمرين في الغالب لا يتجاوزن التسعين فإذا تجاوزوها فبسنة أو سنتين، وقد جاء في الأثر: «حصاد أمتي ما بين الستين والسبعين»، والعرب تسمي العشر التي بعد الستين: «دقاقة الرقاب».
أما المائة والعشرون فلا يبلغها من المعمرين إلا الشاذ النادر، قد لا يجد المتتبع لسكان اليمن البالغ عشرين مليوناً إلا شخصاً أو شخصين، وقد لا يجد أحداً.
السيد العلامة الحجة محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله
📘«من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد»
- تصنيفات الموقع