Skip to content

حكم إمامة الصلاة ممن ليس بالأولى

المفتي:
السيد العلامة محمد بن عبدالله عوض المؤيدي
تاريخ النشر:
رقم الفتوى: 5378
عدد المشاهدات: 10
اطبع الفتوى:

السؤال

إذا خولف معنى ما تضمنه حديث: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله…)) إلخ؛ فهل تفسد الصلاة أو لا؟ وهل إذْنُ الأَوْلى بتقدم غيره- مبررٌ للمخالفة؟

الجواب

أن الحديث خبر ومعناه الأمر، غير أن للضرورة والأعذار أحكامها؛ بدليل قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام119]، ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران28]، وغير ذلك كثير.
فبناءً على ذلك إن كان ثَمَّ عذر فلا حرج في المخالفة لما تضمنه الحديث، وإن لم يكن ثم عذر فالذي ظهر لي أنها لا تفسد الصلاة، وأن الذي يفسد في هذه الحال هو فضيلة الجماعة لا أصل الصلاة.
والدليل على ذلك: أن الحديث ورد في بيان الذي هو أهلٌ لأن يؤم القوم، وأنهم إذا قدموه أدركوا فضيلة الجماعة، فإذا امتثل المسلمون هذا الإرشاد الذي أرشدهم إليه نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم فقدموا الأولى فالأولى- أدركوا فضل صلاة الجماعة وثوابها المتضاعف.
فإذا لم يلتزموا بهذا الإرشاد، بل خالفوه- فاتهم فضل الجماعة وأضعاف الثواب المتضاعفة.
هذا، وأما إذن الأولى بالإمامة لغيره بأن يتقدم للإمامة: فإن كان لعذر فلا بأس كتقديم الأب والعم ومشائخ العلم، وكتقديم الأخ الكبير وكبير السن الصالحين، وفي ذلك ونحوه من العذر ما لا يخفى؛ إذ لو لم يُقَدِّم الأَوْلى مثلَ هؤلاء لَنُسِبَ إلى سوء الأدب، ولفتح على نفسه باب القالة فيه، ولَوَجَدَ الجهال المجال مفتوحاً لهتك عرضه وأذيته.
وأما تقديم الأولى لغيره لغير عذر فينبغي أن نقدم قبل ذلك بيان هل تَقَدُّمُ الأولى واستحقاقه للتقديم حق له أم حق لغيره؟
فالذي يظهر أن التقدم حق للإمام؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة24]، ففي هذه الآية يبين الله تعالى أنه أعطى هؤلاء الإمامة جزاءً وثواباً على صبرهم، فيكون على هذا أمرُ الإمامة حقاً لهم: إن شاءوا استوفوه، وإن شاءوا تركوه.
هذا، وقد قدم الإمام الهادي يحيى بن الحسين _ عَمَّهُ محمد بن القاسم ’ للإمامة، وهكذا غيره.
وقد رأيت في عصرنا هذا كثيراً من أهل العلم يقدم غيره بلا عذر ظاهر.
ولكن هل إِذْنُ الأولى لغيره بالتقدم للإمامة مُخِلٌّ بفضيلة الجماعة أم لا؟
الجواب: بناءً على ما قدمنا من أن الإمامة حق للأولى إن شاء استوفاه وإن شاء تركه فلا يخل ذلك بفضيلة الجماعة، ولكن بشرط أن يكون المأذون له بالتقدم هو الأولى من غيره؛ إذ لا تدرك الفضيلة إلا باتباع إرشاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

فتاوى أخرى