حكم إفتاء العامي بغير المذهب
السؤال
سؤال: هل يجوز إفتاء العامي بغير المذهب أو بغير مذهب المفتي، كأن يفتيه المفتي بمذهب أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام؛ لما فيه من التخفيف والتسهيل على العامي؟
الجواب
الجواب والله الموفق:
أن الإسلام مبني على التخفيف والتسهيل والتيسير، وتماماً كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ...﴾ الآية [الحج78]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة185]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا28﴾ [النساء]، وفي الأثر: ((يسروا ولا تعسروا)).
وبناءً على ذلك فلا مانع من أن يفتى العامي بغير المذهب، أو بغير مذهب المفتي من مذاهب بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام مما فيه تسهيل وتيسير.
غير أنه يشترط أن يكون مذهب ذلك الإمام مذهباً صحيحاً.
وقد احترزنا بقولنا صحيحاً عن بعض المذاهب التي تُخَرَّجُ للأئمة وتُفَرَّعُ على مذاهبهم، فإنها لا تكون حينئذٍ مذاهب لهم، وذلك أن التخريج قد يكون صحيحاً وقد لا يكون صحيحاً، وقد يريده الإمام وقد لا يريده، فإذا أفتينا العامي بما كان كذلك احتمل الحال أنا أفتيناه بما لا يجوز ولا ينبغي.
فإن قيل: السؤال من العامي للمفتي التزام لمذهب المفتي،
كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ7﴾ [الأنبياء].
قلنا: الآية تشير إلى أنه يجب على المستفتي أن يعمل بما أفتاه به المفتي، وليس فيها إشارة إلى أنه يجب على المفتي أن يفتيه بمذهبه أو بالمذهب أو بمذهب معين.
فإن قيل: إن المستفتي إنما اختار هذا المفتي من بين سائر العلماء من أجل أن يفتيه بمذهبه نفسه لا بمذهب غيره.
قلنا: المستفتي إنما يختار المفتي لثقته فيه وحسن ظنه به؛ لأنه أعلم من غيره في نظره، أو لزهده وورعه، أو لعبادته وعفته، ولاطمئنانه إلى أنه لا يفتيه إلا بمذهب صحيح يعذر به عند الله تعالى.
هذا، وفي مذاهب أئمة أهل البيت عليهم السلام
ما يعذر به المقلد لهم عند الله تعالى؛
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
((أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((تعلموا منهم ولا تعلموهم))، ((أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))، وغير ذلك من الأحاديث التي لا تحصى لكثرتها.
- تصنيفات الموقع