السؤال
هل يجب على المغتسل إمساس الماء البشرة مع السيلان والدلك أم لا
الجواب
المذهب أن حقيقة الغسل: هو إمساس البشرة الماء مع السيلان والدلك. فلا يتحقق وجود الغسل إلا بالثلاثة.
وعن الناصر وزيد بن علي وأبي عبدالله الداعي: يكفي إمساس البشرة الماء.
وقال الجمهور من الأئمة والفقهاء: يكفي إمساس البشرة الماء والسيلان، انتهى؛ ذكر ذلك في «المسائل النافعة».
قلت: قال الله تعالى في آخر آية الوضوء: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة6]، ففي هذه الآية يبين الله تعالى أن المراد بالغسل هو الطهارة، والطهارة هي النظافة، وإمساس البشرة الماء من دون سيلان ودلك لا يزيل شيئاً من القذر قطعاً، ولا يحصِّل نظافة.
والرواية عن الإمام زيد بن علي ضعيفة؛ لوجود خلافها في المجموع.
هذا، وقد جاء ما يؤيد القول الأول، وهو قول أهل المذهب:
من ذلك: ما جاء في طرف حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((... إلا كانوا كاليدين تغسل إحداهما الأخرى))، ويظهر أن المراد هو الدلك.
ومن ذلك: ما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم تمسح بمعنى: توضأ، فيدل ذلك على كلام أهل المذهب، والتمسح: هو الدلك.
ومن ذلك: ما رواه الإمام الهادي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صفة الغسل، وفيه: ((وادلك من جسدك ما نالته يداك)).
ومن ذلك: أن المعروف أنهم يقولون إذا أدخل الرجل يده في الماء: غمس يده، ولا يقولون: غسلها؛ ومنه الحديث: ((... فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً...)) الحديث.
ومن ذلك ما في المجموع: حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين علي عليهم السلام قال: (إذا كان بالرجل قروح فاحشة لا يستطيع أن يغتسل معها فليتوضأ وضوءه للصلاة وليصب عليها الماء صباً).
وفيه: وعن علي عليه السلام في الرجل تكون به القروح والجراحات والجدري، قال: (يصب عليها الماء صباً).
فيؤخذ من ذلك أن الصب ليس غسلاً، وأن الدلك داخل في حقيقة الغسل وماهيته.
وفي هذا دليل على ضعف الرواية الأولى عن زيد بن علي عليه السلام كما قدمنا.
هذا، وما استدلوا به على قولهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((... فإن كنت أمسسته الماء فامضه...)) الحديث فهو كناية عن الغسل؛ بدليل ما ذكرنا.
وقد استدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((وضوء المؤمن كدهنه)).
قلنا: الحديث محتمل؛ إذ لم يذكر فيه وجه الشبه، ويظهر أخيراً أنه دليل لمن يشترط الدلك في الغسل، فأقرب الاحتمالات أن وضوء المؤمن في استيعابه العضو ودلكه كالدهن، ولا يصح في التقدير غير ذلك؛ إذ لا يصح أن يراد تقدير المقدار بالمقدار؛ إذ لا أحد يقول بكفاية ثلاث قطرات أو أربع لغسل الوجه
- تصنيفات الموقع