السؤال
ما معنى: ((إنما هذه الصدقة أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد))؟
الجواب
الجواب والله الموفق: سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصدقة (الزكاة) بأوساخ الناس نظراً إلى أن الله تعالى قد وصف الزكاة بأنها مطهرة في قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التوبة103]، فكانت الزكاة تطهرة لأهلها عن الأوساخ، فمن هنا صح للنبي ÷ أن يصف الصدقة بأنها أوساخ الناس.
وتسمية الزكاة مطهرة تسمية مجازية، ووصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها بأنها أوساخ الناس ترشيح؛ لأن كلام الرسول ÷ هنا تابع لكلام الله ومبين له، فكأن الكلامين متصلان، والعلاقة في ذلك المجاز هو التشبيه.
فلما كانت الزكاة حقاً عند الأغنياء يلزمهم إخراجه، ويتضيق عليهم التخلص منه، ويلحقهم في عدم إخراجه أضرار وأذى- صح أن تشبه بالنجاسة التي يلزم في الفطرة التخلص منها والابتعاد عنها، والتي يلحق بسبب بقائها وعدم التخلص منها أذى وأضرار.
ولهذه الاستعارة فوائد:
1-زيادة الحثّ للأغنياء على التخلص من الزكاة، والتنفير لهم عن إمساكها.
2-التنفير عن أكل الزكاة، وردّ أبصار الذين كانوا يرفعون أبصارهم إلى الزكاة من غير أهلها.
3-الإشارة إلى أن الأولى بالفقير أن يتعفف عن أخذها.
وقوله: ((إنها أوساخ الناس)) ليس هو العلة في الحقيقة لحرمتها عليه ÷ وآله؛ إذ لو كانت هي العلة في تحريمها عليه وعلى آله صلى الله عليه وآله وسلم لحرمت على الناس جميعاً؛ لأن أكل الخبيث محرم على الناس جميعاً.
والعلة الحقيقية في تحريمها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أهل بيته هو: أن أكلها مظنة للتهمة ودخول الشبهة في نبوته صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هنا جاء في القرآن عن كثير من الأنبياء نحو: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الأنعام90].
فإن قيل: كيف تعدلون عن العلة المنصوصة وهي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنما هي أوساخ الناس)) إلى علة لم يرِد بها دليل؟
قلنا: العلة التي جاء بها النص جاءت على أسلوب الاستعارة؛ فالزكاة ليست بأوساخ الناس على الحقيقة، وإنما شبهت بالأوساخ، ولعل الوجه الجامع هو: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو أكل الزكاة لتلطخ عرضه بالتهمة المشابهة في قذارتها للأوساخ المحسوسة، وحينئذ فما ذكرناه من العلة هو نفس العلة المنصوصة.
- تصنيفات الموقع