السؤال
شاب في ريعان شبابه، مكتمل البنية، صحيح الجسم، حج وتحرك منه الساكن كثيراً خلال إحرامه، من غير أن يكون منه سَبَبٌ متعَمَّدٌ لتحركه؛ فماذا يلزمه؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب قالوا -كما في الأزهار-: (وفي تحرك الساكن شاة)، وفي الشرح: أن ذلك إذا تحرك لأجل شهوة عن لمس أو تقبيل أو نظر، قال عليه السلام: أو تفكر، انتهى.
فبناءً على هذا فلا يلزم السائل شيء ما دام أنه لم يصدر منه سبب التحرك الذي هو اللمس أو التقبيل أو النظر أو التفكر.
قلت: الْمُحْرِم كثيراً ما يتعرض لوقوع بصره على النساء؛ لكثرتهن في تلك المواضع، وقد يتعرض لمزاحمتهن في بعض مواضع الزحام، وفي هذه الحالات إذا تحرك الساكن فلا شيء عليه، اللهم إلا أن يديم النظر أو المزاحمة وهو يجد سبيلاً إلى التخلص منها.
هذا، وقد فسر الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام «اللمم» في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [النجم32]، بنحو مزاحمة الرجل للمرأة عند الكعبة عن غير تعمد لذلك.
وقد قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب5]، فإذا كان النظر والمزاحمة لا عن تعمد فلا جناح على المحرم في ذلك، ولا فيما ترتب عليه من تحرك الساكن، وقد قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة286].
هذا، وحكم التفكر كذلك، فإنْ تَعَمَّدَ المحرم التفكير فيلزمه لحركة الساكن شاة، وإن لم يتعمد التفكير بل جاء عن غير قصد وهو لا يريده- لم يلزمه شيء لتحرك الساكن؛ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وليس في وسع الإنسان أن يتخلص من وساوس النفس، والذي في استطاعته هو مدافعة التفكير والوساوس، فإن لم يدافع بل انساق مع التفكير، وأنس بالوساوس- فهذا حكمه حكم المتعمد، فإن دافع فلا حكم عليه، وكل هذا الذي ذكرنا هو مدلول عليه بما ذكر من الآيتين السابقتين.
- تصنيفات الموقع