Skip to content

الحكمة في لبس ثوبي الإحرام

المفتي:
السيد العلامة محمد بن عبدالله عوض المؤيدي
تاريخ النشر:
رقم الفتوى: 5712
عدد المشاهدات: 21
اطبع الفتوى:

السؤال

ما هي أسرار الحكمة في لباس ثوبي الإحرام عند الإحرام؟ وفي منع المحرم من النساء والطيب و..إلخ؟

الجواب

الجواب: الذي يُخيَّل إليَّ أن الحكمة في منع المحرم من لبس المخيط والعدول إلى لبس الرداء والإزار الذين لا زينة فيهما هي:
1-إظهار الذل والمسكنة، فإن المحرم إذا لبس ثوبي الإحرام صغر عند نفسه وعند الناظرين إليه، فإن الناظر إذا نظر إلى المحرمين لا يفرق بين كبير وصغير، ولا بين سيد ومسود، ولا..إلخ.
2-كبح النفس عن الترفع والتعاظم والتكبر؛ فإن في ذلك اللباس ما يرد النفس عن هواها، وعن التطلع إلى مناها.
3-المحرم تصغر نفسه عن أن يفاخر كما كانت الجاهلية، فإنهم كانوا يتفاخرون ويتذاكرون مفاخر الآباء والأجداد والأحفاد، ويبالغون في ذكر المآثر والمكارم..إلخ.
4-وفي تحريم الطِّيْب على المحرم تمام إظهار الذلة والمسكنة والشعور بذلك، فإن المحرم إذا كان في ذلك اللباس المتواضع وتفوح منه روائح العرق والوسخ تتزايد ذلته ومسكنته، وفي الأثر في وصف الحجاج بأنهم: (الشعث التفل).
5-الطيب مما يساعد على تحريك الشهوة إلى النساء، وفي منع المحرم عنه الإبعاد لنفسه عن شهوة النساء وقطع دواعيها؛ ليتفرغ الحاج لعبادة ربه.
ومن هنا قال تعالى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة197]، والرفث: هو الكلام الذي يكون بين الزوجين في السر، وجاءت السنة بتحريم عقد النكاح على المُحْرِم.
6-وتحريم مواقعة النساء؛ لما في مواقعتهنّ من الشغل الشاغل عن تأدية مناسك الحج كما ينبغي، فإن المحرم بتحريمهن يتوجه قلبه إلى ذكر الله وأداء فرائض حجه أو عمرته.
7-يمكن أن يقال: إن في اجتماع الحجاج -وهم في ذلك اللباس الأبيض المتواضع شعثاً غبراً- تذكيراً باجتماعهم للحساب، فإنهم يبعثون كذلك.
نعم، يترتب على ما ذكرنا من الحكم والأسرار- مصالح للمكلفين أعظمها كبح النفس عن التعظُّم والتكبر، وتقوية دواعي التواضع والتمسكن، وذلك من أكبر أسباب التواد والتراحم والتآخي.
8-يجتمع المسلمون من كل مكان للحج والعمرة في ذلك اللباس الذي بسببه تمحى الفوارق بينهم، فلا يظهر فضل أمة على أمة، ولا شعب على شعب، ولا قبيلة على قبيلة، ولا شخص على شخص، ولا.. ولا.. إلخ.
وبدلاً عن ذلك يظهر عليهم التآخي والاجتماع في العبودية لله تعالى، وفي طاعته وتعظيمه، وامتثال أمره في الاجتماع بعرفات، ثم الخروج منها دفعة واحدة، ثم المبيت جميعاً بالمزدلفة وذكر الله فيها، ثم الخروج منها فجراً إلى منى لرمي الجمرة الكبرى، ثم... ثم... وإلخ.
وكل ذلك مما يذكِّر المسلم ويبعث في نفسه أن المسلمين وإن تباعدت بهم الديار، واختلف اللسان والأشعار، والأعراق والأبشار، أنهم مع ذلك إخوة، وأنهم أمة واحدة، لا يفرقهم تباعد الأقطار، ولا نوازع الأعراق، ولا ملامح الأبشار والأشعار، ولا اختلاف اللغات، يجمعهم الإسلام وشرائعه، والعبودية لرب العالمين.

فتاوى أخرى