السؤال
جرت العادة في كثير من البوادي بأن ترفع الزوجة حجابها عن إخوة زوجها، وترفع الحجاب أيضاً عن أولاد عمها وخالها، فإذا أراد الزوج حجابها قوبل بالاستنكار الشديد، وقد تُلزم المرأة بمصافحة المذكورين مع كراهتهم أو كراهتها؛ فكيف المخرج في مثل هذا؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أن الواجب على الرجل في مثل هذه الحال أن يغض بصره عما حرم الله عليه، وكذلك المرأة يجب عليها غض بصرها وستر عورتها، وعليهما جميعاً أن لا يجتمعا في مكان خال عن الناس.
ولا يلزمها تغطية وجهها، بل اللازم على كل من الرجل والمرأة هو ما ذكرنا من غض البصر وستر العورة، وما عليها حرج في كشف وجهها؛ بل اللازم على الرجل غضّ بصره، وعليها غض بصرها.
غير أنه يجب على المرأة من وراء ذلك أن تقر في بيتها، ولا تتبرج بزينتها، وقد قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب33]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾...إلى أن قال في آخر الآية: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ...﴾ الآية [النور31]، وليس عليها من بعد ذلك حرج في كشف وجهها وكفيها، وليس ذلك من المنكر، واللازم على الرجل أن يغضّ بصره.
المنكر الذي لا يجوز للمرأة هو: أن تكشف ذراعيها، وأن تظهر شيئاً من شعر رأسها، أو تظهر عنقها، أو أن تظهر زينتها، أو أن تترك بيتها وتتعرض للرجال من غير حاجة.
هذا، وأما التقبيل والمصافحة فلا ينبغي ولا يجوز، وذلك لأن الله تعالى إذا حرم النظر فبالأولى أن يحرم التقبيل والمصافحة.
هذا، واعلم أن الله تعالى يريد بما شرع وأمر من غض البصر والنهي عن التبرج والقرار في البيوت وأن لا يُكَلَّمْنَ إلا من وراء حجاب يريد بذلك كله هو سد منافذ الفجور، وقطع الطريق على الشيطان، وبناءً على ذلك فيلزم ترك كل ما يدعو إلى الفجور، ومن ذلك ما قال الشاعر:
نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء
والمصافحة وتقبيل الأيدي والاسترسال في الحديث والمضاحكة هو مما يدعو إلى ذلك.
نعم، إذا ابتلى الإنسان بشيء من ذلك أو دعت الحاجة إلى شيء من ذلك اقتصر على قدر الحاجة، وذلك كالكلام فيقتصر منه على الحاجة، ولا يسترسل فيما لا تدعو إليه الحاجة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكلم النساء ويكلمنه، ومن ذلك حديثه مع المرأة [الخثعمية] عند ذهابه إلى رمي الجمرات وكان رديفه الفضل بن العباس، فسألت المرأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مسائل وهو يجيبها، وكان صلى الله عليه وآله وسلم حينئذ يحول بين الفضل وبين النظر إلى المرأة بثوبه.
والنظر فلا يجوز منه إلا قدر الحاجة، وذلك كالشاهد والحاكم والطبيب ونحوهم؛ أما لغير حاجة فلا ينبغي؛ ولذا ستر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الفضل بن العباس وحال بينه وبين النظر إلى الخثعمية التي سألته صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا ألجأته الحال إلى المصافحة فينبغي أن يلف يده بطرف شاله ونحو ذلك، ويتجنب من كل ذلك ما استطاع، ومع صلاح النية وتقوى الله تعالى سيجعل الله تعالى له مخرجاً وفرجاً كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا2﴾ [الطلاق].
- تصنيفات الموقع