السؤال
رجل قال في حال انفعال نفسي: إن زوجته طالق ألف طلقة، وإنها عليه كظهر أمّه، فما هو الحكم؟
الجواب
الجواب والله الموفق: أن طلاقه لزوجته ألف طلقة معصية وتعدٍ لحدود الله التي حدها لعباده في كتابه الكريم، فيلزمه التوبة والاستغفار، وتطلق زوجته طلقة واحدة، وله أن يراجعها إذا لم تكن مكملة لثلاث، فإن كانت هذه الطلقة مكملة لثلاث بأن يكون قد طلقها من قبل مرتين فإنه لا رجعة له، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
هذا، وأما الظهار بعد الطلاق فلا يقع ولا عبرة به كما يقوله أهل المذهب( )، ولا كفارة عليه فيه، ويمكن الاستدلال على ذلك بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾...الآية [المجادلة2]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [الأحزاب4]، والمطلقة ليست بزوجة.
فإن قيل: المعتدة رجعياً لها حكم الزوجة، لذا يحرم على المطلق لزوجته نكاح أخت زوجته ونكاح الخامسة، ووجب لها النفقة، ونحو ذلك.
قلنا: لا تسمى زوجة في الشرع، وإنما تسمى مطلقة، وإنما وجب لها النفقة حال العدة بدليل، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق6]، لا لأنها زوجة.
وحرم التزوج بالأخت والخامسة لدليل أيضاً، وهو كما يلي: أن الله سبحانه وتعالى قد جعل للزوج أن يراجع زوجته ما دامت في عدة الرجعي فقال: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [البقرة228]، وقال: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا1﴾ [الطلاق].
فمن هنا علمنا أنه لا يجوز للزوج أن يتزوج بالأخت ولا بالخامسة؛ وذلك لما يؤدي إليه من إبطال المراجعة التي حكم بها القرآن، فلو جازت الأخت والخامسة لبطلت الرجعة، والمعلوم كما دل عليه القرآن أن الرجعة حق للزوج ما دامت المطلقة رجعياً في العدة، فوجب القول حينئذ بتحريم الأخت والخامسة؛ لمنافاة ذلك للرجعة، لا لأن المطلقة زوجة.
ومن هنا قالوا بجواز الخامسة لمن طلقها زوجها ثلاثاً، وكذلك الأخت.
وبعد، فالطلاق هو حل عقدة النكاح، ومن هنا سماه الله تسريحاً، وإنما شرع الله تعالى العدة وأوجبها لمصالح عظيمة للخلق، منها: ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا1﴾، وذلك أن الزوج قد يندم على الطلاق فجعل الله تعالى له المهلة والخيار، فضرب تعالى له أجلاً يراجع فيه نفسه، وينظر فيه لنفسه، فلعل الطلاق قد صدر عن غضب، أو عن أمر صغير، أو عن سبب حقير، أو عن رأي ضعيف.
ومنها: المحافظة على الأنساب من الاختلاط، فلو تزوجت المطلقة بعد الطلاق مباشرة لاختلطت الأنساب؛ وذلك لاحتمال علوق المرأة من زوجها الأول، لهذا حرم الله تعالى نكاح المطلقة حتى تعتد فقال تعالى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة235]، فالمطلَّقة في حال عدتها ليست بزوجة، وإنما هي مُطْلَقَةٌ من حبال الزوج، ومُسَرَّحة من وثاقه، وتربُصُها من بعد الطلاق هو من أجل ما ذكرنا من المصالح، لا لأنها زوجة. ووجبت لها النفقة على الزوج خلال العدة لأن عدتها وجبت عليها من أجل مصالح تخص الزوج، وذلك هو المحافظة على نسبه من الضياع، وانتظار اختياره للمراجعة.
والدليل على أن العدة شرعت من أجل المحافظة على النسب من الاختلاط- قوله تعالى في المرأة التي تُطَلَّقُ قبل أن يمسها الزوج: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب49].
- تصنيفات الموقع